إعتبر وزير الخارجية المصري السابق، والأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية، عمر موسى، أنّ “السياسيين في لبنان معظمهم فشل. وهناك حالة غضب ليس فقط بين الشعب اللبناني وإنما أيضاً بين من يتعاملون مع لبنان ويفهمون الشرق الأوسط، لأنّ الساسة اللبنانيين لم يكونوا على مستوى التحدي الموجود في لبنان. وهناك حالة من اللوم موجهة إلى اللبنانيين”.
وفي “حوار العام” مع “أساس”، رفض موسى الحديث عن “انكفاء سعودي” عن لبنان: “ربّما أرادت الدول العربية أن تتحدّث مع اللبنانيين أوّلاً قبل أن تتحدّث مع (الرئيس إيمانويل) ماكرون. ونشاط السفير السعودي كبير جداً في لبنان، ولقاءاته بالزعامات والمرجعيات تشير إلى دور السعودية. وحين كنت منشغلاً بالمسألة اللبنانية كان تأييد السعودية واضحاً. وزير الخارجية آنذاك الأمير سعود الفيصل كان داعماً ويردّ على أيّ انتقادات”.
وعاد إلى العام 2005: “كانوا يريدون اختفاء الرئيس رفيق الحريري، ولو كان موجوداً لتغيّرت أمور كثيرة. أنتم تعرفون مَن تتوجّه إليه أصابع الاتّهام. المصلحة تقتضي ألّا نتحدّث الآن في هذا الشأن. حبّي لرفيق الحريري وثقتي بذكائه وحسن إدارته السياسية تجعلني أعتقد أنّه كان يمكن أن يكون دوره كبيراً جداً في هذا الوقت، وربّما لم نكن لنصل إلى المشهد الحالي”.
عن الاتفاق بين لبنان وإسرائيل على الترسيم البحري، اعتبر أنّ “لبنان في وضع اليائس. ومن الضروري أن يبحث عن أيّ باب يأتي منه أيّ دخل. ولذلك لا يمكن أن تلوم اللبنانيين”، معيداً أسباب الترسيم إلى “شيء إيراني. حزب الله يتلقّى التعليمات من إيران. والأميركيون يفضّلون التفاهم مع إيران لأنّ هناك عنواناً واحداً فقط”.
وكرّر أكثر من مرّة أنّ “إيران أخطأت استراتيجياً وتاريخياً مع العرب. فقادة الحرس الثوري يقولون إنّ إيران هي المتصرّفة والمتحكّمة، وهذا أمر مرفوض من جانب كلّ عربي. واستخدام المذهبية في العلاقات داخل الهلال الخصيب أضرّ جداً باستقراره”.
ونوّه “بمظاهر وملامح “السعودية” الجديدة الواضحة”، متحدّثاُ عن “تفسير عصري للحركة الدينية. تعامل الملك سلمان ووليّ عهده الأمير محمّد بن سلمان معها بطريقة عصرية. أُعِيدَ النّظَر في كلّ ما كان يُستند إليه من تفسيرات مُتشدّدة للدين، وفي دور المرأة. أنا أؤيّد هذه الولادة الجديدة بشدّة”. وعرّج على “أهمية الدور المصريّ. فقبل شهريْن، تحدّث شيخ الأزهر عن ضرورة الحوار الشيعي – السُّنّي. إذا وضعت الاثنين معاً، التجديد في السعودية وموقف شيخ الأزهر، فنحن أمام تصوّر جديدٍ يخدم صورة الدين الإسلامي في العالم”.
ودعا إلى حلف مصري سعودي يقود العالم العربي ويجمع دوله لتشكيل ما يشبه دول عدم الانحياز في الخمسينات والستينات، بالتحاور مع دول مثل البرازيل التي عاد إلى رئاستها لولا داسيلفا. وحضّ إلى توسيع الجامعة العربية لتشمل دول الجوار العربي، ويرتفع عدد أعضائها من 22 إلى 44 لتأمين مصالح العرب مع محيطهم وتوسيع دورهم.
وشدّد على أنّ “هناك عالماً عربياً، وتفاعلاً عربياً… فما حدث في تونس في كانون الأول 2010 في قرية نائية ربّما لم يعلم به التوانسة أنفسهم. وحدث ما حدث. قامت التظاهرات هناك. وفي ظرف ساعات قامت تظاهرات في القاهرة ثم في دمشق وعمّان. وكانت بيروت حاضرة. وفي مونديال قطر حارس المرمى المغربي بونو لم يقبل إلا أن يتحدّث بالعربية. ما معنى ذلك؟ هذه أمثلة على أنّ هناك عالماً عربياً فيه كرده وأمازيغه ومسلموه ومسيحيّوه وبعض يهوده. يجب أن نبحث في العالم العربي كيف نكون على مستوى القرن الحادي والعشرين”.
كما دعا إلى “إعادة الحكم الرشيد للمجتمعات العربية، ومعالجة المشاكل، تحديداً الموضوع الفلسطيني والعراقي” و”إنقاذ العراق الذي يشهد صحوة عربية ما يجب أن تعيده إلى صحّته، المعتلّة بسبب غياب الحكم الرشيد، سواء من الحكام العراقيين أو من التدخّلات الخارجية، وقمّتها كان الغزو”.
ولخّص تحديات العالم العربي بثلاثة: “من إيران، من تركيا، ومن إسرائيل”، معتبراً أنً “التحدّي التركي هو من دولة تعتبر نفسها كبيرة وتملك إطاراً ثقافياً غير أيديولوجي، لا تتصرّف كدولة سنّيّة إزاء دولة شيعية، وتتصرّف بمقتضيات القرن الحادي والعشرين، لكن لا نختلف معها هذا الخلاف التاريخي لأنّها لم تطرح عثمانية جديدة. أما إيران فمنطلقها الأساسي هو الشيعيّة، وربّما الفارسيّة، وتعيدنا إلى القرن الثاني أو الثالث الهجري. والتنافس على هذا الأساس بائد. عليها أن تعيد النظر ليس فقط في سياستها، بل في أقوالها وتصرّفاتها. ما نشاهده في لبنان لا يمكن أن نهضمه. وما شاهدناه في العراق لا يُهضم بسهولة… أمّا إسرائيل فليس بيننا وبينها إلا موضوع فلسطين والأراضي المحتلّة، بما فيها الأراضي السورية، وهذا عمره ثمانون عاماً. لكنّ إيران بيننا وبينها ألف عام.