“دعم سعودي دائم”… “مغرّدون ضد الجوع” يحققون ما عجزت عنه الدولة
من قال إنّ مواقع التواصل و”تويتر” خاصّةً وجدت فقط لشن الحملات الإعلاميّة والسّياسيّة بين أطراف الطبقة السياسية وجيوشهم الإلكترونيّة؟ فبين حملات الكراهية والتّعصّب ولدت حملة من نوعٍ آخر، في زمن كثر فيه البؤس في جهنّم السّياسيّين التي وصل إليها الشّعب اللّبناني، حين لم يوفّروا له سوى الفقر والعوز. وعليه، انطلقت مبادرة “مغرّدون ضد الجوع” بشكل عفوي على منصّة تويتر من شبّان لم يرتضوا الذّل لمواطنيهم وأهل بلدهم، حتى كبرت الحملة واستمرّت حتْى اليوم.
وعن تأسيس جمعيّة “مغردون ضد الجوع” يوضح مؤسس الجمعيّة رالف معلولي أنّ “الفكرة بدأت عام 2020 حين تواصل معي أحد الأصدقاء وطلب مساعدتي لإنقاذ حالة إنسانية لسيدة من التبعية الأثيوبية كانت طفلتها تعاني من مرض في القلب ولم يكن لديها الإمكانية لشراء الأدوية والطعام”.
وفي حديث له مع موقع “السّياسة” يضيف معلولي: “قررت أن أعرض حالتها على حسابي الخاص على تويتر، وبظرف دقائق استجاب عدد كبير من مغردين يودّون المساعدة”.
ويشير إلى أنه “من ذلك الحين بدأت التفكير بالاستمرار بالمبادرة بظل الظروف الاقتصادية التي تمرّ بها البلاد، فاجتمعنا كمجموعة من المغردين وقررنا تخصيص قسم من تغريداتنا لطرح حالات إنسانية”. ويتابع: “من هنا أطلقنا الإسم “مغردون ضد الجوع”.
وبالطبع، لكل جمعيّة خيريّة وإنسانيّة صعوبات تواجهها، وخاصة في الوقت الرّاهن، والوضع المزري في لبنان، وفي هذا السّياق يشير معلولي إلى “صعوبة تأمين المساعدات في ظل الأزمة الّتي تطال الجميع”، مضيفًا: “كما صعوبة التّحقق من الحالات الّتي تصلنا قبل تقديم أي مساعدة، حتى لا يذهب أي “فلس” إلى غير مكانه، ونحافظ على سمعة جمعيتنا”.
وعن مصدر التّبرّعات يكشف معلولي عن أنّ “المساعدات تأتينا من لبنان والخارج، وخاصةً المغتربين في الخليج وكندا وبريطانيا الّذين يكونون أول المبادرين عند عرض أي حالة”. كما يخص بالشكر الشعب السعودي الذي لا يتوقف عن تقديم الدعم الدائم للحالات الإنسانية المطروحة”.
وعن الثّقة من المتبرّعين تجاه الجمعيّة يجيب: “الشفافية الموجودة لدينا، سمحت للمتبرعين بالعودة في كلّ مرة ويقدمون المساعدة”. وفي هذا السّياق يقول: “بكل بساطة نحن صلة وصل بين المتبرع والمحتاج وكل المساعدات تذهب بطريقة مباشرة للمحتاجين، واذا طلب المتبرع التواصل المباشر مع الحالة، فهذا متاح بعد إذنها”.
ويقول: “لدينا متطوعون في كل المناطق ليعاينوا الحالات وعلى أساسها نعرضها لتقديم المساعدة”
ويؤكّد أنّ “جمعية مغردون ضد الجوع” تساعد المحتاجين من شمال لبنان إلى جنوبه، من دون أي اعتبارات مناطقية أو طائفية أو سياسية”.
وعن إنجازات الجمعيّة منذ انطلاقها يتابع معلولي: “في ظل جائحة كورونا، استطعنا تأمين ٣٥ جهاز اوكسيجين للصليب الاحمر”، مضيفًا: “كنا إلى جانب أهل بيروت طوال فترة نكبة الانفجار وأمّنّا حوالي ٥ آلاف حصّة غذائية بالإضافة إلى مساهمتنا بإعادة ترميم ٥ منازل”.
ويضيف:” كما بكل عيد ومن دون مناسبة حملاتنا جاهزة لتدعم العائلات بالمساعدات، والجمعيّة تهتمّ اليوم بمئة عائلة ويتيم شهريًا بشكل دائم ومستمر”.
ويقول إن”آخر نشاطاتنا كانت حملة عيد الميلاد تحت عنوان “تبنى عائلة عالعيد” ومن خلالها تم مساعدة أكثر من مئة عائلة”.
ويوضح معلولي أنّ “الإعلام لعب دورًا مهمًا بالإضاءة على مبادرتنا، وحسابتنا على “تويتر” معروفة ولدينا الكثير من المتابعين، ما يساعدنا على إيصال أصواتنا”.
واعتبر معلولي “أنني كشاب لبناني لدي مسؤولية كبيرة تجاه وطني وأهل بلدي، لأكون إلى جانبهم”.
ودعى كل شاب في لبنان إلى “الوقوف أقله إلى جانب عائلته وأهل منطقته، لأننا بهذه الطّريقة نكون قادرين على تغيير الصورة البشعة”.
وشدّد على”أننا مستمرّون يداً بيد، “لما يضلّ حدا جوعان أو بردان”.
ففي بلد تنهكه الأزمات، وشعبه أصبح على الحضيض ترعاه وتتبنّاه مبادرات فرديّة وجماعيّة تقوم بعمل الدّولة المستقيلة من مهامها، لا رعاية اجتماعيّة ولا خطط اقتصادية ولا من يفرحون، فقط حزانى في مستنقع بؤس وشعب يعيش على البركة، بركة أهله، لا حكّامه ونخوة شبابه، إلى متى سيستمر وينجو؟ وإلى متى سيعيش؟