خبر سارّ… باصات الهبة الفرنسية انطلقت ووزير الاشغال يعلّق!
انطلقت باصات النقل العام في شوارع بيروت الكبرى مع بدء تنفيذ وزارة النقل والأشغال العامة خطة تشغيل باصات الهبة الفرنسية للبنان والتي بلغ عددها 50 باصاً ودخلت 10 منها الخدمة. واستُهل المشروع بعد الانتهاء من تسجيل الحافلات في هيئة إدارة السير والمركبات، وبعد انتظار طال 6 أشهر نتيجة إضراب الموظفين. المشروع لا يزال في بداياته، تتنقل هذه الباصات من دون بلورة خطة مستقبلية، فهل ستستكمل مسارها أم ستتوقف عن الخدمة؟
في هذا السياق، يؤكد وزير الأشغال في حكومة تصريف الأعمال علي حمية لـ”النهار” أنّ “مشروع النقل الذي تملكه الدولة يجب أن يكون مدعوماً، وهذا المشروع ليس تجربة”، مضيفاً: “استمراريته مرهونة بتأمين الاعتمادات اللازمة من قبل الدولة وخاصةً وزارة المال، فوزارة الأشغال أمّنت الباصات لكنها بحاجة إلى اعتمادات للصيانة والمازوت فضلاً عن تأمين رواتب سائقي الباصات، كي يتقاضوا راتباً يساوي رواتب موظفي المؤسسات العامة و”يكونوا متلن متل غيرن”، فحين تتضاعف معاشات الإدارة العامة من حقّ موظفي سكك الحديد أن يتقاضوا راتبا لائقاً”.
ويلفت حميّة إلى أنّ المشروع يعتمد على هذه المقومات من أجل إبقائه في الخدمة، كما أنّ الهدف منه هو تأمين النقل بشكل يتكامل مع القطاع الخاص ولا ينافسه.
وعما اذا كان هناك تجاوب مع وزارة المال لتأمين الاستحقاقات؟، يجيب حمية، أنّ “وزارة الأشغال أمنت سلفة رواتب الموظفين لموازنة عام 2022، والوضع “تمام”، ولموازنة العام المقبل باشرنا بالمطالبة بالاعتمادات، واليوم أصبحت وزارة الأشغال من الوزارات الأكثر مردوداً للدولة، لكنه يصب في الخزينة العامة، وذلك بناءً على قانون الموازنة، وحين يقرّ مجلس النواب قانون الموازنة تحصل وزارة الأشغال على إيراداتها، وسنطالب بمبلغ مالي بغية الاستمرارية.”
وفي ما يخصّ محطات الباصات، أكّد وزير الأشغال أنّ الباصات تنطلق من مار مخايل وتتوقف في محطات عدّة، لافتاً في الوقت نفسه إلى أن التسعيرة ستراعي ظروف الناس، والهدف منها ليس الربح المادي.
من جهته، اعتبر مدير عام النقل زياد نصر في حديث لـ”النهار” إلى أنّ “هذا المشروع خطوة نوعيّة من حيث انطلاق عدد من الباصات تبعاً لمحدودية امكانياتها الماديّة والبشرية (أي عدد السائقين المحدود والذي يبلغ 28 سائقاً)، مضيفاً: “تُعتبر خطوة إيجابية في ظلّ تأمين المازوت والزيت للمحركات لفترة زمنية محدودة، آخذين بالاعتبار أنّ العاملين في المصلحة لم يتقاضوا أي من مستحقاتهم طيلة عام 2022 سنداً للمراسيم ذات الصلة، أسوة بغيرهم في القطاع العام، بسبب عدم توفر الاعتمادات اللازمة. وبالرغم من ذلك اعتبرنا الأمر تحدياً و”نحن قادرون على تسيير الوضع لكن إلى حدّ”، وهي خطوة متواضعة مقارنةً بطموحاتنا وبحاجة السوق اللبناني خصوصاً أن هذا الموضوع مزمن ويحتاج إلى عناية”.
وشدّد نصر على أنّ استمرارية هذا المشروع ترتبط بتوفير المالية لشراء المواد وقطع التبديل والمازوت وتوفير اليد العاملة المناسبة لتسيير هذا القطاع، مضيفاً: “لقد أرسلنا مطالعة خطية إلى مجلس الوزراء عبر وزير الأشغال وقرّر المجلس الإجازة للمصلحة إطلاق مناقصات لشراء المازوت والزيوت ولترميم الهنغارات والمرآب ومكاتب العمال والمستخدمين وورش العمل التي تدمرّت في الرابع من آب، فأطلقنا مناقصات لمرتين متتاليتين ولم يتقدم أحد من القطاع الخاص ومن المقاولين والمتعهدين، الأمر الذي أدى إلى عدم القدرة على شراء الزيوت والمازوت لفترة طويلة ولا القيام بعمليات الترميم، ومرد إحجام القطاع الخاص عن الاشتراك هو تقلّب سعر الصرف وتدني قيمة العملة الوطنيّة، فالقطاع الخاص يشترط أن يكون التسعير بالدولار وأن يتم الدفع نقداً وبالدولار، وهذا الأمر حتى الساعة لا علاج له لأنه يتجاوز إمكانياتنا كمؤسسة، علماً أن الاعتمادات غير متوفرة، فوزارة المالية لا تلحظ لنا الاعتمادات المطلوبة”.
وتابع: “عندما لم تؤد هذه المناقصات إلى نتيجة رفعنا كتاباً آخر، أطلعنا فيه مجلس الوزراء على هذا الواقع، فتم اتخاذ قرار آخر يجيز لمؤسسة النقل العام بالتعاقد مع القطاع الخاص لتشغيل الحافلات. بمعنى، يتم طرح دفتر شروط يقوم بموجبه القطاع الخاص بالتشغيل وبتأمين مقتضيات التشغيل”.
وأضاف: “دفتر الشروط هذا سيخضع لقانون الشراء العام، ويتم إعداده حالياً، وعندما يتم إنجازه سيتم إطلاقه وفق الأصول، على أمل أن يكون هناك رغبة لدى القطاع الخاص للتقدم إلى هذه المناقصة”.
لكن للخبير في إدارة السلامة المروريّة كامل إبراهيم رأياً مختلفاً، إذ يعتبر أنّ “هذه الباصات لا تزال قيد التجربة، ولن تتمكن الدولة من استكمال هذا المشروع، بسبب غياب خطّة واضحة للنقل وغياب الإدارة المسؤولة لحلحلة هذا الملف، والواضح أن الدولة لن تتمكن من تأمين الملتزمات اللازمة، علماً أنّ لبنان بحاجة إلى خطة نقل مشترك، “اليوم عم تركض الدولة لتعالج مشكلة عمرها عشرين سنة”.
وأشار ابراهيم إلى أنّ “مشكلة التنقل تكمن في غياب خطة باصات واضحة، ويجب على باصات الدولة أنّ تغطي جميع النقاط الاستراتيجية، والخطوط الرئيسة للطرقات لتنقّل آمن للمواطنين”.