ماذا لو دعا ميقاتي لجلسة حكومية ثانية؟
لا تزال شرعية جلسات حكومة تصريف الأعمال في ظل الفراغ الرئاسي محطّ جدل واسع، وآخر الخطوات لتخطي زيول هذه الأزمة كان اللقاء التشاوري الذي عقد منذ أيام في السراي بحضور الوزارء المقاطعين ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي. وزير الشؤون الإجتماعية هكتور حجار الذي كان من أبرز المشاركين في هذا اللقاء، أكد في حديث لـ “الجمهروية”، أن الوزارء المقاطعين يدرسون خيارات عدة في حال قرّر الرئيس ميقاتي الدعوة لجلسة الثانية، وقال: سيكون لكل حادث حديث. ولكننا، بالتأكيد، سنعمل لمنع إدارة البلاد خارج قواعد الدستور والميثاقية”.
ورغم كل المحاولات لتقريب وجهات النظر، الا أن حجار متمسّك بعدم دستورية أي جلسة تعقدها الحكومة الحالية، معتبرا أنها “مستقيلة” و”مُقالة” في آن معاً.وأشار الى أن “البعض يقوم بالاجتهاد في الدستور وفق مصالحه ويفسِّر صلاحيات الضرورة بلا ضوابط. وهذا أمر يُفترض أن يعيد النقاش إلى الأساس”.واعتبر حجّار، أن “الرئيس السابق ميشال عون أراد تجنيب البلد تفاقم الخضّات السياسية والدستورية، وافترَض أنّ الآخرين سيتحمّلون المسؤولية أيضاً ويلتزمون الدستور وضوابط الاستقرار والميثاقية. لكنهم فعلوا العكس”.وتعليقا على دخوله الجلسة والمشاركة في توقيع مرسوم صادر عنها رغم معارضته لعقدها، أوضح حجّار أن “هذا تضليل. فأنا لم أدخل إلى الجلسة إلّا بعدما أُقفِل الباب وبدأت أعمالها، بتوافر الثلثين، وبعدما اعتَبر المشاركون أنّ لهم الحق الدستوري في عقدها. وقد ذهبتُ لأضع حداً للتمادي في الخطأ. في الأساس، كانت خطتنا هي الحؤول دون انعقاد الجلسة. ولكن، عندما انعقدت، انتقلنا إلى خطة أخرى تقضي بالحضور إلى القاعة والتنبيه ومحاولة إيقاف الجلسة. وعندما فشلتُ في ذلك، عملتُ على مدى ساعة وربع الساعة على محاولة ثالثة هي وقف الجلسة بقوة النقاش. وهذا حقي الطبيعي كوزير”.وردا على الاتهامات الموجهة له بممارسة الشعبوية، قال لحجّار،: “على العكس، الذين مارسوا الشعبوية هم الذين تذرعوا بحاجات الناس والتعاطف مع مرضى السرطان ليطعنوا الدستور والميثاقية. وهم يعرفون أنّ من السهل جداً عليهم إحقاق الحقوق لأصحابها من دون هذا الانتهاك. والدليل هو موقف بكركي الشديد الوضوح في هذا الشأن، والذي جرت محاولات تسويقه سياسياً وإعلامياً على غير ما يعنيه”.وأما عن الادعاء بتوقيعه مرسوماً صادراً عن الجلسة، فاكد حجّار أنّ “بين يديه من الوثائق ما يدحض هذه الادعاءات”. وروى التفاصيل المتعلقة بهذه المسألة، “الأمر يتعلق بمعالجة إجحاف طاول نحو 2000 موظف، يقعون تحت مسؤولية وزارتي، ولم يحصلوا على حقهم بقبض ضُعفَي الرواتب حتى نهاية 2022. فإثارة هذه المسألة لا تعود إلى الجلسة المذكورة بل إلى 17 تشرين الثاني الفائت، عندما سجَّلتُ طلباً لتصحيح الخلل في مديرية الموازنة، تحت الرقم 3797”.وأضاف، “تمّ تسجيل المعاملة تحت الرقم 1130 في وزارة المال التي أصدرت بعد 4 أيام وثيقة إحالة بقيمة 41 ملياراً و175 مليون ليرة، لتغطية النفقات المطلوبة، ثم أصدرت مشروع مرسوم بذلك. ولأنّ الحكومة في وضعية تصريف الأعمال، يُفترض أن يحمل المرسوم تواقيع الوزراء الـ 24، قبل تحويله إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء. وفي مشروع المرسوم الذي تمّ إعداده، لا يَرِدُ اسم رئيس مجلس الوزراء إلا مرة واحدة”. واستكمل، “بعد ذلك، وعلى مدى أيام، راجعتُ المعنيين في شأن المعاملة. وفي 2 كانون الأول الجاري، عرض عليّ الأمين العام لمجلس الوزراء محمود مكية أن يقوم هو بالاستحصال على تواقيع الوزراء، باليد. ثم أبلغني أنّ المعاملة عادت إلى المالية، فقمتُ يومذاك بتوقيعها لتأخذ طريقها إلى التنفيذ. ولكن، عصر ذلك اليوم، فوجئتُ بدعوة ميقاتي إلى عقد جلسة لمجلس وزراء، حُدِّد موعدها في 5 كانون الأول، بجدول أعمال يضمّ 64 بنداً ويغيب عنها المرسوم الذي يخصُّ وزارتي. وفي اليوم التالي، أتصلتُ به وسألته عن الأمر. فقلَّص الجدول إلى 25 بنداً كان آخرها هذا المرسوم”.ولفت حجّار الى أن “هاجسي كان دائماً هو التوازن بين أمرين: إحقاق الحق للموظفين من جهة وتجنّب الوقوع في خلل دستوري من جهة أخرى. ويعني ذلك إنجاز الملف بمرسوم جوّال لا بانعقاد جلسة لمجلس الوزراء. وأما بعد الجلسة، فالمراسلة الوحيدة التي جرت بيني وبين الأمين العام حول الملف فتحمل طابعاً إدارياً روتينياً لا أكثر”.ونفى حجّار وجود “أي نية لديه للتعرُّض لمرجعية معينة أو لطائفة معينة”.وختم بالقول، “فقط فليحترم بعضُنا موقعَ بعضٍ، بالأفعال لا بالأقوال، إذا كنا نريد إنقاذ البلد من الأسوأ”.