لماذا يصرّ باسيل على رفض ترشيح “حزب الله” لفرنجية بهذا الشكل؟
لو صدر الكلام الذي قاله رئيس “التيار الوطني الحر” السيد جبران باسيل في حقّ رئيس تيار “المردة” الوزير السابق سليمان فرنجية عن رئيس حزب “القوات اللبنانية” الدكتور سمير جعجع لفُهم الأمر وكان مقبولًا نوعًا ما، وفق منطق الأشياء، ووفق الاصطفافات السياسية القائمة على خيارات متناقضة ومتنافرة، وغير منسجمة لا في المضمون ولا في الشكل، على رغم التفاهم القائم بين “معراب” و”بنشعي” على ترتيب أمور “البيت الشمالي”، وعلى رغم ما تبديه قيادة “القوات” من احترام لشخص فرنجية.
أمّا أن يصدر كلام من “العيار الثقيل” عن السيد باسيل في حقّ فرنجية فهذا ما لم يفهمه كثيرون. ولكي لا نبقى ندور حول الموضوع تمويهًا ننقل حرفيًا ما قاله في إطلالته التلفزيونية مع الزميل ماريو عبود:
قال باسيل: “إذا تمسك “حزب الله” بفرنجية من دون قبولنا فبذلك يكون هذا التمسك أكثر خطورة من الذي حصل في موضوع الحكومة وضربًا اكبر للميثاقية. “كيف لـ”حزب الله” أن يتمسك بمرشح لرئاسة الجمهورية نحن لا نؤيده في وقت هناك اتفاق بيننا مبني على استراتيجيات؟
وقال أيضًا: “لي مصلحة ان يأتي فرنجية رئيسًا للجمهورية حينما أريد أن أتحدث عن مصلحة شخصية او مصلحة “التيار”، ولكن انا أتحدث عن مصلحة البلد ولا افكر الا بمصلحة البلد لا بمصلحة “التيار” بعد 6 سنوات ولا بمصلحتي بعد 6 سنوات “.
وتعليقًا على هذا الكلام، وكما قرأته جهات قريبة من أجواء “حارة حريك”، فإن الكلام عن عدم ميثاقية ترشيح فرنجية لم يكن موفقًا على الإطلاق، لأن سليمان فرنجية ينتمي إلى بيئته المسيحية تاريخيًا أكثر من غيره بكثير، وهو من حيث تمثيله الشعبي لا يقّل أهمية عن تمثيل الذين يدّعون التمثيل النيابي الأوسع، والذي كان يمكن أن يكون مثله مثل غيره لو لم يضع “حزب الله” كل ثقله لإبقاء “التيار الوطني الحر” على حجمه التمثيلي، الذي كان مهدّدًا بخسارة ما لا يقّل عن سبعة نواب في مختلف المناطق، حتى أن “الحزب” قَبِل أن “يضحّي” بحلفائه الآخرين، على أن يرى شعبية حليفه “الاستراتيجي” تتراجع، وذلك بسبب خيبة أمل الناس من عهد علّقوا عليه الآمال العريضة.
فشعبية فرنجية، وباعتراف خصومه السياسيين قبل حلفائه، هي عابرة للطوائف والمناطق، وهو قادر من خلال هذه “الميثاقية الوطنية” الشاملة أن يلعب الدور، الذي لا يمكن أن يلعبه باسيل بالتحديد، وهو غير المقبول بنسبة كبيرة في جزء كبير من بيئته المسيحية، على رغم أنه يترأس أكبر تكتل نيابي مع بقاء نائبي حزب “الطاشناق” إلى جانبه.
أما كلام باسيل عن أنه لا يسعى إلى مصلحته الشخصية ولا إلى مصلحة “تياره”، بل جلّ ما يريده هو مصلحة البلد، ففيه في رأي الجهات القريبة من أجواء “حزب الله” الكثير من الديماغوجية، خصوصًا أن جزءًا كبيرًا مما تعانيه البلاد اليوم متأتٍ من الممارسات الكيدية السياسية، التي يمكن أن تنطبق على السيد باسيل أكثر مما تنطبق على غيره من السياسيين، وإن كان معظمهم غير مقصّر أيضًا في هذا المجال.
وتضيف هذه الجهات لتقول إن الذي لا يفكر إلاّ بمصلحة البلد يُفترض به بادئ ذي بدء أن تكون ممارساته السياسية على غير ما هي عليه الممارسات اليومية للسيد باسيل، وألا يكون شعاره “أنا أو لا أحد”.
هذا الكلام قاله “حزب الله” لحليفه “الاورونجي” عندما فضّل سليمان فرنجية عليه، وهو العارف بما يستطيع أن يقدم عليه على الصعيد الوطني، وهو ما لا يستطيع القيام به باسيل شخصيًا.
ولأن باسيل، كما تقول هذه الجهات، لا يفكرّ إلاّ بمصلحته الشخصية وحتى قبل مصلحة “تياره”، ارتضى مخاصمة “حزب الله” واتهامه بأنه نكث بوعوده الصادقة وضرب بعرض الحائط كل “الخدمات” الانتخابية التي قُدّمت له على طبق من فضة.
وتنهي هذه الجهات تعليقها: وهل من يصدّق؟