المواقف الدولية تتكرر منذ سنوات ولا تنفع: لبنان ليس أولوية
كتبت لورا يمين في “المركزية”:
تمر الاسابيع والاشهر والسنوات، والمجتمعُ الدولي يردد النغمة ذاتها “لبنانيا”: اسرعوا في الاصلاحات وأنجزوا استحقاقاتكم الدستورية في مواعيدها وأطلقوا عجلة العمل المؤسساتي لانقاذ بلادكم. الاثنين، وفي الامم المتحدة، قدمت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة يوانا فرونتسكا احاطة لمجلس الأمن عن تنفيذ القرار 1701 والوضع في لبنان حيث التقت الدول الاعضاء على دعم لبنان مع تأكيد الضرورة الملحة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية من دون تأخير ولتنفيذ الإصلاحات.
المنسقة الخاصة التي رحبت بـ”الانجاز التاريخي” المتمثل بتوقيع اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل، اشارت إلى أنه يتعين القيام بالمزيد في الداخل اللبناني لمعالجة العديد من الأزمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية المتراكمة. ولفتت في شكل خاص إلى ضرورة إعطاء الأولوية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية لإنهاء الفراغ في لبنان وتشكيل حكومة كاملة الصلاحيات. وقالت “في ظل التدهور الإجتماعي والإقتصادي، فإن الحد الأدنى الذي يتوقعه اللبنانيون من قادتهم هو العمل من أجل المصلحة الوطنية والمنفعة العامة”. وأضافت “أكرر دعوتي لجميع القادة السياسيين اللبنانيين إلى انتهاج مقاربة بناءة وتجسير الهوة لتجاوز الصعوبات والخلافات”. وشددت المنسقة الخاصة على الحاجة إلى أن تعمل مؤسسات الدولة بكامل فعاليتها وأن تكون قادرة على تنفيذ الإصلاحات العاجلة، بما في ذلك تلك المطلوبة لإتمام الإتفاق مع صندوق النقد الدولي. وقالت “إن القيام بذلك ضروري لضمان مستقبل أكثر استقرارًا وازدهارًا للشعب اللبناني، الذي يبقى، مع الأسف، بمثابة الطرف الأكثر تضررًا من جراء الأزمة الاجتماعية والاقتصادية الممتدة”.
قبل موقف فرونتسكا بساعات قليلة، كان وفد من الكونغرس الأميركي برئاسة النائب مارك تاكاتو وعضوية النائبين كولن الريد وكاتي بورتر يجول في بيروت حيث التقى المسؤولين اللبنانيين، مؤكدا ايضا على اهمية إنتخاب رئيس للجمهورية وتأليف حكومة جديدة وتطبيق شروط صندوق النقد الدولي والمضي بالإصلاحات. وبعد زيارته السراي، هنأ الوفد الحكومة على “جهودها في انجاز مشاريع القوانين التي طلبها صندوق النقد الدولي والتي أحيلت الى مجلس النواب متمنيا الاسراع في إقرارها”. وشدد “على ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية”، ودعا النواب “الى إنجاز هذا الأمر في أسرع وقت ممكن”…
لكن بحسب ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية”، هذه الدعوات التي تتكرر منذ اعوام، لم تتمكن من تحقيق اي تغيير ايجابي يذكر في سلوك المنظومة السياسية الحاكمة التي لا تزال حتى الساعة تماطل في انجاز الانتخابات الرئاسية وفي اقرار الاصلاحات، حيث لا تزال تدرس الكابتيال كونترول مثلا وقد بات لزوم ما لا يلزم بعد 3 سنوات على انفجار الازمة المالية وتبخّر “الكابيتال”! انطلاقا من هنا، تدعو المصادر القوى الدولية الى اعتماد اساليب اخرى اكثر حزما مع اهل الحكم، رأفة باللبنانيين. ومع انها تقول ان من الطبيعي جدا ألا يكون الخارج حريصا على بلدٍ ما، أكثر من مسؤولي هذا البلد أنفسهم، تشير المصادر الى ان اكتفاء العواصم الكبرى بالبيانات والمواقف الكلامية، لن ينفع، وهو يدل على انها حتى الساعة منهمكة بأولويات اقليمية ودولية كثيرة اخرى، ليس لبنان من ضمنها.. لأن متى شكّلت قضية ما أولوية لديها تطال مصالحها، تعاطت معها بأسلوب مختلف كليّا، تماما كما فعلت لتوقيع اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل.
والحال هذه، تعتبر المصادر ان لا بد من تحرّك محلي داخلي يضطلع به الراغبون فعلا بإتمام الانتخابات والذين يقترعون لمرشّح معين لا بشعارات فارغة واوراق بيضاء، يدفع القوى الكبرى الى الالتفات للبنان والعمل لفك أسر رئاسته الرهينة لدى قوى اقليمية معروفة، تمهيدا لاطلاق قطار الانقاذ…