الدولار الجمركي لتعزيز واردات الخزينة… فمن يضبط الحدود والتهريب؟
أربعة أيام ويبدأ العمل بالدولار الجمركي بحسب الكتاب الذي أرسله وزير المال يوسف الخليل إلى مصرف لبنان ويطلب فيه احتساب أسعار العملات الأجنبية على الضرائب والرسوم التي تستوفيها إدارة الجمارك بالنسبة للسلع والبضائع المستوردة، على أساس 15 ألف ليرة للدولار وذلك اعتباراً من 1/12/2022.
ويبدو أن سعر الدولار الجمركي سيكون سعر صرف جديد، ومع بداية شباط 2023 سيكون امام اللبنانيين سعر رسمي للدولار (جمركي، ضرائب، تعميمان 151و158) وسعر صيرفة بالإضافة إلى سعر السوق الموازي، وان كانت الامال ان يصبح سعر صيرفة السعر الرسمي الوحيد، من أجل التأسيس لواقع نقدي افضل اذا أنجزت الاصلاحات، كما يقول الخبير الاقتصادي أنيس بو دياب لـ”لبنان24″.
كان على وزارة المال، بحسب بودياب، ان تأخذ إجراء الدولار الجمركي منذ بداية العام الحالي 2022 وليس الانتظار مدة سنة للإعلان عن ذلك، لأن التجار استغلوا هذا التأخير واستوردوا كل ما يمكن للتهرب من الدولار الجمركي الجديد قبل سريان مفعوله، حيث زاد الاستيراد حتى تشرين اول 2022 بنسبة 35 في المئة عن العام الفائت مما سيؤدي إلى تراجع واردات الدولة من الرسوم الجمركية بعد إجراء رفع الدولار مباشرةً. ولذلك المطلوب من وزارة الاقتصاد القيام بمسح شامل على المستورادات الحديثة وفرض رسم جمركي عليها بقيمة 15 الف للدولار بدلاً من 1500 ل. ل. كذلك على الجهات المعنية ان تعمل جاهدةً لوقف التهريب عبر الممرات الشرعية وغير الشرعية، لكي يحقق رفع الدولار الجمركي الغاية المرجوة.
لا شك، كما يقول بو دياب، أن لبنان يعاني من تهرب ضريبي وتهريب للبضائع. فمنذ عامين تضاعفت فاتورة الاستيراد للنفط مرتين وتجاوزت حاجة الدولة اللبنانبة والاستهلاك المحلي ، لكن ما كان يحصل ان جزءا كبيرا من الاستيراد كان يهرّب الى سوريا ولا زال التهريب قائما ليس فقط للنفط انما لبعض السلع الاساسية وذلك بسبب الحصار القائم على سوريا. وبالتالي فإن المشكلة تكمن في التهريب، فالاستيراد لا يستهلك دائما محليا، وبالتالي فان لبنان يخسر مرتين مرة جراء دفع الرسوم الجمركية ومرة من ضريبة الاستهلاك لذلك الخطوة الاساسية لتعزيز واردات الخزينة تكمن في وقف التهريب.
ومن المرجح، بحسب بودياب، أن يقفل العام اقتصاديا على 14مليار استيراد، فلبنان يعتمد على الاستيراد لتلبية أكثر من 80 في المئة من حاجات السوق الاستهلاكية، ولذلك لا بد من الذهاب الى خطوات لتخفيض الاستيراد، علما انه من الطبيعي ان يتراجع استيراد السيارات فهذا القطاع سوف يتضرر كثيرا،خاصة وان القطاع التجاري هو الاكثر تضررا. كما سيتراجع استيراد المواد غير الاساسية التي يوجد لها مثيل في لبنان والتي سيتم فرض رسم اضافي عليها لتعزيز الصناعة الوطنية، هذا فضلا عن ان القدرة الشرائية سوف تتراجع عند المستهلكين جراء ارتفاع اسعار المواد الكمالية. في هذا السياق يتمنى بودياب لو يساهم رفع السعر الجمركي في تحفيز الصناعة الوطنية، لكن المشكلة الاساسية تكمن في البنى التحتية للصناعة المحلية، قائلا: نحن بحاجة الى اعادة تنظيم في الاسواق الاقتصادية. صحيح أن هناك نمو 2% لكن هذا الرقم لن يتظهر في السوق، لاسباب عدة منها الارتفاع في المحروقات، مع إشارته إلى غياب ضابط ايقاع المؤسسات الانتاجية وتدوير الدورة الاقتصادية واعادة توزيع المداخيل بسبب cash economy. فهذا البلد يعاني من اقتصاد نقدي ويعتبر من اسوأ ما يمكن ان يتعرض له اي اقتصاد. فحجم الاقتصاد بحسب اخر تقرير للبنك الدولي تراجع من العام 2019 الى اليوم، بحدود 40 في المئة. وهذا يعني أن الكل يخسر، رغم أن هناك من يستفيد أيضا من الازمات وتبعاتها ولذلك يمكن تصنيف القطاع العام بأنه المتضرر الاول والحلقة الاضعف، فقدرته الشرائية سوف تتراجع بشكل كبير بسبب ارتفاع الاسعار .
وبناء على ما تقدم، يدعو بودياب وزارة الاقتصاد ووزارة الصناعة والمعنيين الى الاسراع في اصدار لوائح تضم السلع الخاضعة للرسوم الجمركية والتي سترتفع اسعارها،علما ان ارتفاع الاسعار سيكون بين 5 و35 في المئة لبعض السلع، لكنه يعتقد جازما بان التجار بدأوا استغلال رفع الدولار الجمركي ورفع الاسعار حتى تلك التي لا تخضع للرسوم الجمركية بما فيها الصناعات الوطنية، مع تشديده على أن جشع التجار لا يمكن ان يحد الا اذا لجأت المراجع المعنية، التي لم تتحرك حتى الساعة، الى اتخاذ الاجراءات الصارمة واللازمة، فالخروج من الازمة يحتاج الى انتظام العمل المؤسساتي.
وربطا بكل ما سبق ومع دخول موازنة 2022 حيز التنفيذ وبدء سريان مفعول زيادة الرواتب بمقدار راتبين اضافيين، فإن هذا الاجراء،بحسب بودياب سيؤدي إلى زيادة كتلة الأجور من تريليون و300 مليار إلى حوالي 3 تريليون و300 مليار ما يعني زيادة المعروض من الكتلة النقدية التي سيحاول المصرف المركزي امتصاصها من خلال زيادة عرض الدولار على منصة صيرفة وإعطاء الرواتب والحوافز للقطاع العام بالدولار (صيرفة). اما بالنسبة للتعميمين 151 و158 فيمكن للمركزي، للسيطرة على الكتلة النقدية، ان يخفض قيمة تحويل اللولار للافراد مع رفع سعر اللولار الى 15000 اي عدم زيادة المعروض من الكتلة النقدية بالليرة اللبنانية.