اهم الاخبارمحليات

“كلمةُ سر”.. هكذا تحرّك “حزب الله” لتطويق “تمرّد” باسيل

ليسَ عادياً أبداً الترويج لما يُحكى عن تقاربٍ ناشئ بين “حزب الله” وقائد الجيش جوزاف عون. حُكماً، الأمر هذا يحتاجُ إلى قراءةٍ مُتأنّية لأنّ خلفيّاتهُ قد ترتبطُ بجبهةٍ أبعد من استحقاق رئاسة الجمهوريّة، وقد تساهم في خلط أوراق سياسيّة بين حلفاء المحور الواحد، والمقصود هنا “حزب الله” و “التيار الوطني الحر” الذي لا يؤيّد وصول عون إلى سُدّة الرئاسة.

في الواقع، فإنّ توقيت تسريب الكلام المُرتبط بالتقارب بين الحزب وقائد الجيش ليس بريئاً، فهو يأتي بعدَ سلسلة من المواقف الحادّة التي أطلقها رئيس “الوطني الحر” النائب جبران باسيل باتجاه رئيس “تيار المرده” سليمان فرنجية الذي يحظى بدعمٍ غير مُعلن من “حزب الله” لرئاسة الجمهورية. كذلك، فإنّ هذا التسريب جاء أيضاً بعد الكشفِ عن عرضٍ قدّمه باسيل لرئيس مجلس النواب نبيه بري يقضي بترتيب اتفاق بشأن شخصية مارونية لإيصالها إلى قصر بعبدا وذلك قبل أخذ موافقة “حزب الله“. مع هذا، فإن التسريب ورد أيضاً وسط حراك دولي يقومُ به باسيل بين قطر وفرنسا، وهو الأمر الذي تمت ترجمته على أنه تسويقٌ لنفسه “رئاسياً” أو كـ”عرّاب للحل.”

حتماً، كلّ هذه المعطيات التي حصلت في غضون أيامٍ قليلة قد تكونُ سبباً في آخر تسريبٍ مُرتبط بعلاقة عون مع الحزب، وقد يكونُ ذلكَ بمثابةِ رسالة عنوانها “هزّ العصا” في وجهِ باسيل الذي لوحظ أنّه يتمرّد أكثر من اللازم في وجه حليفه الأساسيّ، ويجنحُ بشدّة نحو رفع سقف المُطالبات الرئاسيّة وغير الرئاسيّة.. وهنا، فإنّ السؤال الفعلي الذي يُطرح بقوّة: هل سيدعم “حزب الله” عون فعلاً.. وما هي مصلحته في ذلك؟

فعلياً، لم يكن ظاهراً في وقتٍ سابق أنّ “حزب الله” يميلُ باتجاه قائد الجيش “رئاسياً”، علماً أن العلاقة بين الطرفين، وبمعزلٍ عن الاستحقاق الرئاسي، ثابتة ومستمرّة رغم اختلاف التوجّهات بين الطرفين. إلا أنّه وللنظر في عُمق الأمور أكثر، قد يكون خيار عون هو الأنسبُ لـ”حزب الله” في المرحلة المُقبلة، لأنه من خلال سيُحقق أكثر من أمرٍ:

1- سيكون “حزب الله” قد نجح في طرحِ شخصية تحظى بشبه إجماعٍ بين مختلف الأفرقاء، وبالتالي ستتحقق هنا مقولة “الرئيس التوافقي” الذي قد يرضى به باسيل ولو بشكلٍ خجول حفاظاً على ماء الوجهِ مسيحياً ونيابياً.

2- إذا دعم “حزب الله” عون فعلاً، فإنّه سيكونُ قد مهّد الطريق أمام شخصية تحظى بتقاطعٍ دوليّ وعربي، وهنا يكمنُ “لبّ” التسوية المنتظرة والتي لن تُبصر النور قبل شباط المقبل.

3- بشكلٍ أو بآخر، فإن مصلحة “حزب الله” اليوم تقضي بالمجيء برئيسٍ يحظى بـ”توافق” وتسوية لاعتبار أساسي وهو أنّ الأزمة القائمة تحتاجُ إلى هذا النمط. فاليوم، “حزب الله” ووسط الضغوطات التي يواجهها، يحتاجُ إلى ممر آمن للخروجِ من الأزمة الاقتصادية المُستفحلة، وهذا الأمر لا يتحقّق إلا باستعادة لبنان الثقة الدولية والعربية به، وقد تكون رئاسة الجمهوريّة هي المدخل لذلك. وهنا، إن دعم “حزب الله” عون، فإن الطريق نحو التبدلات الجوهرية قد تسلكُ طريقها، وعندها سيثبت الحزب موقفه الذي سيقول بأنه قبِلَ بمرشحٍ يريده الآخرون قبل الحلفاء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى