ما سبب إصرار إيران و”الحزب” على إظهار نفسيهما منتصرَين؟
كتبت لارا يزبك في “المركزية”:
مرة جديدة، تحدّث رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي منتصف الأسبوع عن ضمانات أميركية تلقاها لبنان في شأن اتفاق ترسيم الحدود البحرية ومصيره. وقال “الضمانات الأميركية ستحمي اتفاق الحدود البحرية مع إسرائيل ولبنان “مش خائف” من احتمال إلغاء الاتفاق إذا فاز بنيامين نتنياهو بالغالبية في الانتخابات”… من جانبه، أكّد نائب رئيس مجلس النواب الياس أبو صعب أنّ “لبنان حصل على ضمانات أميركية حول استمرارية اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل في حال عودة نتانياهو الى السلطة”.
وقال في حديث لوكالة “فرانس برس”، إن “لبنان بحث هذا الموضوع خلال المفاوضات وبعدما انتهت، وحصلنا على الضمانات الأميركية الكافية بأن هذا الاتفاق لا يُلغى بسهولة، وتأثير انسحاب أي فريق منه كبير على الدولتين”. ولفت إلى أن “طوال فترة المفاوضات، كنت أطرح موضوع موقف نتانياهو، وأطرح ضرورة ضمانة الاستمرارية، وكان الكلام يأتيني دائماً من الوسيط الأميركي أنه من الصعب على أي دولة أن تخرج منه”.
في الموازاة، اعتبرت وزارة الخارجية الأميركية في الساعات الماضية أنّ “اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل يخدم مصالحهما، وسنواصل اتصالاتنا مع الجانبين”، وذلك بعد ان كانت رأت في الاتفاق نجاحا غير مسبوق لدبلوماسيتها التي لولا وساطتها عبر الوسيط اموس هوكتشاين، لما كان الاتفاق ليبصر النور.
رغم هذه المواقف اللبنانية الرسمية والاميركية التي تُظهر دور واشنطن في الترسيم وارتياحَها اليه، لفت مرشد الثورة الإيرانية السيد علي خامنئي، الى أنّ “فشل أميركا في سوريا ولبنان، خصوصاً في القضية الأخيرة لترسيم الحدود البحرية، مثالٌ على فشلها بسبب الخطأ في الحسابات”. واشار وفق ما نقل حسابه الرسمي على مواقع التواصل، إلى أنّ “الأميركيين أخفقوا في لبنان، فالاتفاق الأخير بين اللبنانيين والحكومة الصهيونية الغاصبة حول الحدود البحرية ومصادر الغاز، هزيمة لأميركا. قال الأميركيون ينبغي أن يكون كما نقول، لكن حزب الله أحبط هذه الخطط كلها. حقق اللبنانيون هذه النتيجة ببركة حزب الله وروحية المقاومة”.
من جانبه، غرد نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم عبر حسابه الخاص على “تويتر”، كاتبا “استنقاذ الثروة الغازية والنفطية لم يكن ليحصل لولا تهديد المقاومة وتصميمها الجدي، وإذا كان البعض يريد تعطيل فرح اللبنانيين بهذا الإنجاز الذي فاجأهم فهو واهم. إنَّ رائحة غاز ونفط الكرامة أقوى وأكثر رسوخاً من استسلامهم للسفارات وصرخاتهم الفارغة”.
هنا، تسأل المصادر عن سبب اصرار ايران والحزب على إظهار نفسيهما منتصرَين رغم تراجع “لبنان – الدولة” عن حقوقه بالخط 29 لصالح اعتماد الخط 23. واذ يستوقفها حديث خامنئي عن تحقيق حزب الله ما يريده في الاتفاق، تشير الى ان الاخير لم يلعب دورا في المفاوضات بل وقف خلف الدولة اللبنانية التي تنازلت عن الخط 29 ، في حين أرسَل مسيّرات – غير مسلّحة – الى حقل كاريش، في خطوة اعتبر بوصعب نفسه، انها أخّرت المفاوضات وعقّدتها، ولم تدفعها قدما.
وفق المصادر، هذه المواقف “خشبية” وشعبوية فقط، فيها كثيرٌ من الانكار، وهي تذكّر بما يفعله الطغاة ومَن يدورون في فلكهم عندما يكونون “محشورين”، للتعمية على إخفاقاتهم امام الرأي العام. فوزير إعلام صدام حسين، محمد سعيد الصحاف، بقي يتحدث عن انتصاراتٍ بينما كان الاميركيون اسقطوا النظام العراقي في شكل شبه تام.. ما قاله خامنئي يشبه كثيرا ما قاله الصحاف. فالاحتجاجات الشعبية لا تهدأ منذ أسابيع في ايران والعقوباتُ الدولية تنهال على نظامه من كل حدب وصوب، إلا أنه يصر على انه منتصر… لكن الى متى سيتمكن من إخفاء وهنه؟