٩ أشهر فاصلة عن انتهاء ولاية سلامة.. فأي مصير يتهدّد سدّة الحاكمية؟!
كتبت مريم بلعة في “المركزية”:
استحقاق مصيري جديد ينتظر لبنان على “كوع” الكمائن السياسية الضامرة، تشخص العيون إليه بقلق وخوف شديدَين من أن يكون مصيره كمصير انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة.
هذا الاستحقاق نقدي بامتياز يحلّ بعد نحو تسعة أشهرٍ من اليوم موعد انتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة على سدّة الحاكمية، بعد صمود دام 29 سنة في مواجهة خضّات سياسية ومحاولات جمّة للإطاحة به كان أشدّها في عهد الرئيس ميشال عون… فلا يزال سلامة على كرسيّ الحاكمية يُدير دفّة الوضع النقدي في البلاد حتى انتهاء آخر يوم من ولايته الدستورية.
لكن الخشية من أن يطاول “شبح الفراغ” موقع حاكم مصرف لبنان وأن يكون من ضمن مخطط إفراغ لبنان من مؤسساته الدستورية الكبرى!
من الآن وحتى موعد الاستحقاق، يدعو الرئيس السابق للجنة الرقابة على المصارف سمير حمود عبر “المركزية” إلى “التحوّط منذ الآن، كي لا تمرّ فترة التسعة أشهر الفاصلة عن تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان بدون رئيس جديد للجمهورية وبدون حكومة نالت ثقة مجلس النواب… وإلا سيكون “الخطأ” فادحاً و”الخطيئة” كبيرة”.
وإذ يستعجل انتخاب رئيس جديد للجمهورية “لما لرئاسة الجمهورية من دور وأهمية كبيرين في استقرار المؤسسات الدستورية وهي رأس تلك المؤسسات”، يُلفت إلى أن “هناك أيضاً استحقاقاً جديداً مقبلاً على البلاد ننظر إليه بقلق كبير جداً هو انتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة …”، ويقول “يُفترض التنبّه جيداً إلى وجوب ألا تمرّ هذه الأيام والأشهر ونحن في سُبات عميق كالعادة، نستفيق منه في اللحظة الأخيرة ونرى أن المشكلة كبيرة جداً وقد تتفاقم”، مبدياً خشيته من “هذا الاستحقاق وتوقيته إن لم تؤمَّن له إحاطة كبيرة بعناية ودقة وبمهَنيّة عالية… وبالتالي يُفترَض عدم إدخال هذا الاستحقاق في الزواريب السياسية الضيّقة ويجب أن يكون هناك رفعة في انتقاء الحاكم الجديد للبنك المركزي، واعتبار أن تعيين الحاكم شيء أساسي”.
ويتحدث حمود هنا عن “استحالة في تعيين حاكم لمصرف لبنان في ظل غياب رئيس للجمهورية وحكومة جديدة تتمتّع بالثقة والقدرة على تعيين حاكم جديد”، ويُضيف: هذا الاستحقاق الكبير الذي يُصادف بعد تسعة أشهر، سيولّد أزمة إن لم تتم عملية التعيين… وربما قد تكون ولادة الأزمة قبل تسعة أشهر إذا استمرينا في حالة النكران السائدة حالياً”.
… وانتخاب رئيس ضرورة
وليس بعيداً، يُشير إلى أن “الشغور الرئاسي خطوة ناقصة غير مُرضية في محاولة تصحيح الوضع المالي والنقدي. والكلام عن أن وجود رئيس للجمهورية وعدم وجوده سيّان، غير صحيح إطلاقاً. لذلك يجب العودة إلى أساس المبدأ في كل القراءات والتحاليل، وهو وجوب انتخاب رئيس جديد للجمهورية في أسرع وقت واليوم قبل الغد”.
ويعتبر أنه “في ظل أزمة لا يريدها أحد، يُفترض تجنّب الفراغ في سدّة الرئاسة… وعلى رغم أن الحكومة الحالية تغطي هذا الفراغ، سواء كانت حكومة تصريف أعمال أو غيرها، يجب النظر إليها على أنها موقتة ولا رغبة في استمرارها. لأن الحاجة كبيرة إلى انتخاب رئيس للجمهورية وأن تعود كل المؤسسات الدستورية إلى لعب دورها الصحيح”.
ويُضيف: إلى حين ذلك، لا أحد يستطيع القول إننا لا نريد أن تقوم هذه الحكومة بما هو مطلوب منها من أمور أساسية وطارئة، لكن بالتوازي يجب أن تستمر المؤسسات ومنها مصرف لبنان.
لا مانع من تمويل “المركزي” الكهرباء.. ولكن!
ويعرّج حمود على ملف تمويل مصرف لبنان استيراد الفيول لصالح مؤسسة “كهرباء لبنان”، ويقول: حتى لو أخذ البنك المركزي الأموال من ودائع الناس لتمويل “كهرباء لبنان” من أجل تأمين التيار الكهربائي، فهذا ليس ذنباً. إذ في هذه العملية توفير على المواطن كلفة فاتورة المولدات. ويبقى الأهم أن تتمكن “كهرباء لبنان” من إتمام الجباية كما يجب كي تدفع ثمن الفيول المستورَد، فمصرف لبنان غير قادر على إعطائها الأموال “هبة” بل أكد لها أنه سيؤمّن الفيول لصالحها على أن تقدّم له دراسة واضحة مُرفقة برفع التعرفة مع الجباية وفق سعر صرف “صيرفة”، كي تتمكّن من دفع الأموال المطلوبة لمصرف لبنان. إذا كان ذلك ممكناً فهذا أمر جيّد ومريح، حتى لو موّل مصرف لبنان ثمن الفيول المستورّد لصالح “كهرباء لبنان”.
ويجزم بالقول “ممنوع على مؤسسة كهرباء لبنان أن تستدين وأن تقع تحت نسب كبيرة من العجز زأن تقصّر في تسديد ثمن الفيول وفق سعر صرف “صيرفة”.
الدولار إلى اتجاه تصاعدي…
وفي المقلب الآخر، ينبّه حمود إلى أن “البلاد لا تزال في حالة مراوحة، على وقع تقلّب في سعر صرف الدولار في السوق الموازية والذي يبدو أن اتجاهه لن يكون انخفاضاً بل سيبقى تصاعدياً، وسيستمر مصرف لبنان بما لديه من إمكانات، في ضبط صعود سعر صرف الدولار وليس استقراره، كي لا يكون الصعود سريعاً”.