محلياتمن الصحافة

“إنجاز” صحيّ… في وقت غير مناسب؟

بالنيابة عن كلّ الصناديق الضامنة، تعتزم وزارة الصحة العامة ــ بوصفها صندوقاً ضامناً ــ إطلاق آلية الشراء المشترك للأدوية، بعدما ذُلّلت كلّ العقبات التي كانت تواجهها ولم يعد ينقصها إلا بعض التفاصيل.

تعوّل وزارة الصحة على هذه الخطوة. بالنسبة إليها هي انتصار «ثلاثيّ الأبعاد»، يأتي في مقدّمها قوة التفاوض. فالوزارة هنا لا تفاوض عن نفسها، وإنما عن مجموعة من الصناديق الضامنة، ما سينعكس على لائحة الأسعار التي يمكن أن تحصّلها والتي يتوقّع من خلالها الحصول على تخفيضات أكبر بكثير مما قد يُعطى لجهةٍ واحدة. وينتج عن ذلك انتفاء أفضلية صندوق على آخر، بحيث يصبح الكلّ سواسية، سواء أكان بالنسبة لعروض الأسعار التي تصبح واحدة، أم في ما يمكن الحصول عليه تالياً من أدوية.

يضاف إلى ذلك هدف آخر يتعلق بآلية انتظام الدواء ومراقبته مع إلحاق آلية الشراء المشترك بالمراقبة التي تعني بحسب المصادر «وصول الدواء المناسب إلى المريض المناسب»، مع حصر تسليم الأدوية (المستعصية والسرطانية) للمريض في المكان (المستشفى غالباً) الذي يتلقّى فيه العلاج، عن طريق ربط هذه الأمكنة بنظام تتبّع إلكتروني.
نظرياً، تُعدّ هذه الآلية أفضل ما يمكن تحصيله في قطاع الدواء، فمطلب «ضمّ» الصناديق ضمن آلية واحدة في ما يتعلق بشراء الأدوية بشكلٍ أساسي هو مطلب مزمن، وإن لم ينل سابقاً توافق الكلّ لاعتبارات مختلفة ومتعلقة بكل صندوق على حدة. لكن، في الشق العملي، هذه الخطوة ليست سوى أول الطريق، وما يأتي لاحقاً قد لا يكون على قدر التوقعات المعطاة لها، مع الأخذ في الحسبان أنها تأتي في عين عاصفة مالية واقتصادية لا يبدو أنها ستهدأ قريباً.

بحسب المتابعين للخطوة، هناك أمران أساسيان قد يعيقانها، أوّلهما مرتبط بمناقصات شراء الأدوية، وثانيهما الاتكال في الشراء على شركات دواء لها أصلاً في ذمة الوزارة أموال معلّقة منذ بداية الدعم.

بالنسبة إلى العائق الأول، فعدا التوقيت الذي قد يستغرقه إعداد مناقصة مشتركة، ثمة عقدة تتعلق بمن سيفوز بها. ذلك أن الفوز لا يعني توفر الدواء بالمطلق، بل سيبقى جزء منه مفقوداً. وتوضح مصادر السيناريو الذي يمكن أن يحصل «إذا افترضنا أن تركيبة كيميائية واحدة تستوردها شركتان أو أكثر، ثم رست المناقصة على واحدة منهما، فهذا يعني أن الثانية التي لم تفز ستتوقف عن استيراد هذه التركيبة لعدم قدرتها، بسبب رفع الدعم عنها، ولأنها لن تكون قادرة على تسويقها بالدولار في حال استوردتها». وهذا يطرح علامات استفهام عن قدرة الشركة الرابحة على تأمين التركيبة الكيميائية التي كانت تأتي عبر شركتين أو أكثر، وسدّ النقص الذي قد يخلّفه هذا الأمر؟ وهذا يعيدنا تالياً إلى الدوّامة نفسها: الارتهان لمصدر واحد، إذ إن توقف الشركات الأخرى التي لم تفز بالمناقصة عن استيراد التراكيب الكيميائية «سيؤدي إلى إقفال رموزها CODE لدى الشركات العالمية، وقد يكون منها رموز أدوية أساسية لأمراض مستعصية وسرطانية تستوردها هذه الشركات»، ما سيعقّد أزمة القطاع مع فقدان أدوية جديدة من السوق.

يضاف إلى ذلك، بند تحديد الأولويات، فبحسب قرار الشراء المشترك، لن يعود لكلّ جهة لائحة أولوياتها، وإنما سيتطلب الأمر توحيد اللوائح لمعرفة أيّ الأدوية ستُدعم وأيّها ستخرج من الدعم. وهذا يؤثر في الوقت الذي سيستغرقه إعداد هذه اللائحة من جهة، كما في الإرباك الذي سيرافق هذه المرحلة من جهة ثانية، إضافة إلى «المخاطر الإضافية لدى الوكلاء والتي ستتجلّى في تحديد سوق الدواء مع بداية التطبيق».

أما العائق الثاني، فهو المتعلّق بفواتير الشركات العالقة التي لم تُدفع مسبقاً، فكيف ستتصرّف الشركات حيالها مع آلية الشراء الجديدة؟ هل ستكون الجهات الضامنة أمام مواجهة جديدة مع الشركات تحت عنوان جدولة المستحقات؟

في آخر المطاف، تطرح هذه الخطوة سؤالاً مهماً: هل هذا هو الوقت المناسب للمباشرة بهذه الآلية، خصوصاً أن الضمانات حتى اللحظة هي ثلاثة أشهرٍ من الدعم التزم بها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بناءً على وعدٍ من حاكم مصرف لبنان؟

بالنيابة عن كلّ الصناديق الضامنة، تعتزم وزارة الصحة العامة ــ بوصفها صندوقاً ضامناً ــ إطلاق آلية الشراء المشترك للأدوية، بعدما ذُلّلت كلّ العقبات التي كانت تواجهها ولم يعد ينقصها إلا بعض التفاصيل.

تعوّل وزارة الصحة على هذه الخطوة. بالنسبة إليها هي انتصار «ثلاثيّ الأبعاد»، يأتي في مقدّمها قوة التفاوض. فالوزارة هنا لا تفاوض عن نفسها، وإنما عن مجموعة من الصناديق الضامنة، ما سينعكس على لائحة الأسعار التي يمكن أن تحصّلها والتي يتوقّع من خلالها الحصول على تخفيضات أكبر بكثير مما قد يُعطى لجهةٍ واحدة. وينتج عن ذلك انتفاء أفضلية صندوق على آخر، بحيث يصبح الكلّ سواسية، سواء أكان بالنسبة لعروض الأسعار التي تصبح واحدة، أم في ما يمكن الحصول عليه تالياً من أدوية.

يضاف إلى ذلك هدف آخر يتعلق بآلية انتظام الدواء ومراقبته مع إلحاق آلية الشراء المشترك بالمراقبة التي تعني بحسب المصادر «وصول الدواء المناسب إلى المريض المناسب»، مع حصر تسليم الأدوية (المستعصية والسرطانية) للمريض في المكان (المستشفى غالباً) الذي يتلقّى فيه العلاج، عن طريق ربط هذه الأمكنة بنظام تتبّع إلكتروني.
نظرياً، تُعدّ هذه الآلية أفضل ما يمكن تحصيله في قطاع الدواء، فمطلب «ضمّ» الصناديق ضمن آلية واحدة في ما يتعلق بشراء الأدوية بشكلٍ أساسي هو مطلب مزمن، وإن لم ينل سابقاً توافق الكلّ لاعتبارات مختلفة ومتعلقة بكل صندوق على حدة. لكن، في الشق العملي، هذه الخطوة ليست سوى أول الطريق، وما يأتي لاحقاً قد لا يكون على قدر التوقعات المعطاة لها، مع الأخذ في الحسبان أنها تأتي في عين عاصفة مالية واقتصادية لا يبدو أنها ستهدأ قريباً.

بحسب المتابعين للخطوة، هناك أمران أساسيان قد يعيقانها، أوّلهما مرتبط بمناقصات شراء الأدوية، وثانيهما الاتكال في الشراء على شركات دواء لها أصلاً في ذمة الوزارة أموال معلّقة منذ بداية الدعم.

بالنسبة إلى العائق الأول، فعدا التوقيت الذي قد يستغرقه إعداد مناقصة مشتركة، ثمة عقدة تتعلق بمن سيفوز بها. ذلك أن الفوز لا يعني توفر الدواء بالمطلق، بل سيبقى جزء منه مفقوداً. وتوضح مصادر السيناريو الذي يمكن أن يحصل «إذا افترضنا أن تركيبة كيميائية واحدة تستوردها شركتان أو أكثر، ثم رست المناقصة على واحدة منهما، فهذا يعني أن الثانية التي لم تفز ستتوقف عن استيراد هذه التركيبة لعدم قدرتها، بسبب رفع الدعم عنها، ولأنها لن تكون قادرة على تسويقها بالدولار في حال استوردتها». وهذا يطرح علامات استفهام عن قدرة الشركة الرابحة على تأمين التركيبة الكيميائية التي كانت تأتي عبر شركتين أو أكثر، وسدّ النقص الذي قد يخلّفه هذا الأمر؟ وهذا يعيدنا تالياً إلى الدوّامة نفسها: الارتهان لمصدر واحد، إذ إن توقف الشركات الأخرى التي لم تفز بالمناقصة عن استيراد التراكيب الكيميائية «سيؤدي إلى إقفال رموزها CODE لدى الشركات العالمية، وقد يكون منها رموز أدوية أساسية لأمراض مستعصية وسرطانية تستوردها هذه الشركات»، ما سيعقّد أزمة القطاع مع فقدان أدوية جديدة من السوق.

يضاف إلى ذلك، بند تحديد الأولويات، فبحسب قرار الشراء المشترك، لن يعود لكلّ جهة لائحة أولوياتها، وإنما سيتطلب الأمر توحيد اللوائح لمعرفة أيّ الأدوية ستُدعم وأيّها ستخرج من الدعم. وهذا يؤثر في الوقت الذي سيستغرقه إعداد هذه اللائحة من جهة، كما في الإرباك الذي سيرافق هذه المرحلة من جهة ثانية، إضافة إلى «المخاطر الإضافية لدى الوكلاء والتي ستتجلّى في تحديد سوق الدواء مع بداية التطبيق».

أما العائق الثاني، فهو المتعلّق بفواتير الشركات العالقة التي لم تُدفع مسبقاً، فكيف ستتصرّف الشركات حيالها مع آلية الشراء الجديدة؟ هل ستكون الجهات الضامنة أمام مواجهة جديدة مع الشركات تحت عنوان جدولة المستحقات؟

في آخر المطاف، تطرح هذه الخطوة سؤالاً مهماً: هل هذا هو الوقت المناسب للمباشرة بهذه الآلية، خصوصاً أن الضمانات حتى اللحظة هي ثلاثة أشهرٍ من الدعم التزم بها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بناءً على وعدٍ من حاكم مصرف لبنان؟

راجانا حميّة في “الأخبار”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى