نتائج الطعون النيابية ومخاوف المعارضة…هل تقلب الاكثرية لمصلحة الممانعة؟
ما أن انتهت الانتخابات النيابية في 6 أيار الماضي، حتى وثّق الطاعنون المخالفات والملاحظات لتقديمها أمام المجلس الدستوري. 15 طعنا نيابيا وضعت أمامه، وكونها المرة الثانية التي يُعتمد فيها القانون الإنتخابي النسبي، فإن عملية البت بها لا يفترض أن تستغرق المدة التي استغرقتها مدة البت في الطعون التي قدمت إثر انتهاء انتخابات العام 2018 حيث كانت المرة الأولى التي تجري فيها الإنتخابات على أساس قانون النسبي. في حينه لم تصدر النتائج إلا في منتصف شهر شباط من العام 2019، ما يعني عملياً أن المجلس الدستوري أصدر قراراته بها بعد تسعة أشهر ونيف من تاريخ الإنتخابات .فهل سيتكرر سيناريو الإنتظار ذاته هذه السنة أم سيتمكن المجلس الدستوري من إصدار قراراته بالطعون قبل شباط من العام 2023؟.
من الواضح أن المقاربة في المهل الزمنية غير واردة هذه الدورة. فالمجلس الدستوري بدا مستعجلا في إصدار نتائج الطعون احتراما للمهل القانونية التي ينص عليها نظام المجلس الدستوري ولدواعٍ قد تتعلق بحسب ما يقول اطراف في المعارضة بالإستحقاق الرئاسي بهدف الإطاحة ببعض النواب الرابحين المعارضين أو المستقلين لمصلحة مرشحين خاسرين تابعين لفريق الممانعة وتاليا تحويل الأكثرية المعارضة إلى أقلية داخل المجلس مما يتيح لها الإمساك بزمام الأمور وإيصال رئيس موال لفريق حزب الله أو رئيس يسكن القصر ولا يحكم. فهل ينجح أعضاء المجلس الدستوري في الطعن بما لا يجب أن يطعن به نزولا عند طلب وضغوطات السياسيين الذين عينوهم وتكون مخاوف القوات اللبنانية ونواب المعارضة والمستقلون في مكانها ام يثبتوا استقلاليتهم ونزاهتهم؟
“قبل قراءة ما يمكن أن تؤول إليه نتائج الطعون النيابية المقدمة أمام المجلس الدستوري علينا أن نقرأ في كتاب كيفية تعيين أعضاء المجلس الدستوري الحالي وحتى السلف لأن الوضع لم يتغير منذ آخر مجلس دستوري حقيقي وكان أول مجلس دستوري في تاريخ لبنان وآخرهم” يقول مرجع قضائي ، ويوضح عبر “المركزية” أن” أعضاء المجلس الدستوري يعينون ولا يتم انتخابهم بحسب النظام القانوني واللافت أن غالبية الأعضاء التي يتم تعيينها بعد أن تكون أنهت خدمتها في سلك القضاء لا تملك خبرة في القانون الدستوري. ويسأل استطرادا “هل يمكن لقاض أمضى عمره في البت بقضايا جزائية أن يتذكر بنود القانون الدستوري الذي درسه في السنة الأولى من اختصاصه أو قاضي إيجارات أو عقارات…؟”.
عام 1992 تم انتخاب أول مجلس دستوري وكان يرأسه القاضي وجدي ملاط لكن بسبب الضغوط التي مورست من قبل السياسيين عليه قدم استقالته ، يقول المصدر القضائي جازما بأن هذا المجلس كان أول وآخر مجلس دستوري فعلي. وكل المجالس التي تلته كان يتم تعيين أعضائها من قبل الطبقة الحاكمة، وعليه حدث ومن دون حرج عن التدخلات السياسية. ويلفت إلى أن طريقة انتقاء أعضاء المجالس الدستورية التي تلت أول مجلس دستوري “حقيقي” في لبنان أطاحت بالهيبة الدستورية المنتظرة لتقييم دستورية القوانين،ويضيف” اليوم هناك 126 تفسيرا للدستور لأن كل سياسي يصنف نفسه ملكا في مادة القانون الدستوري”.
لا ينكر المصدر القضائي أن نتائج الطعون ستكون على صورة وقالب السياسيين الذين قاموا بتعيين أعضاء المجلس الدستوري ويقول”إذا أردتم أن تعرفوا كيف سيحكم المجلس الدستوري بنتائج الطعون النيابية عليكم أن تعرفوا كيف تم تعيينهم..الشمس ساطعة والناس قاشعة.فالمفاهيم والقيم والمعايير تغيرت لذلك كفانا إلقاء اللوم على هذا أو ذاك ،لكن يبقى لدينا أمل …”.
ربما الأمل موجود لكن الواقع يثبت أن المخاوف التي يتحدث عنها رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع لجهة التزوير في النتائج قد تكون في مكانها. وبالتوازي لا ينفي المصدر أن لهذه المخاوف مبرراتها لأن نهج السياسيين الذين عينوا الأعضاء معروف فهل يكون الأمل في تعطيل النصاب؟
“قبل التكلم في النتائج دعونا نتخيل مشهدية وواقع المجالس الدستورية منذ 25 عاما حتى اليوم وتحديدا بعد أول وآخر مجلس دستوري منتخب عام 1992 برئاسة ملاط. يقول المرجع القضائي الذي ينهي كلامه بمثل عن أحد رؤساء المجالس الدستورية الذين عينهم الرئيس الراحل فرنسوا ميتران”وعندما جاء ليشكره بادره قائلا: منذ اللحظة ستكون ناكراً للجميل ولا تتوقع أن أحميك أو أن أدافع عنك إذا ما ارتكبت خطأ أو أصدرت حكما باطلا. منذ اللحظة لم أعد أعرفك “. وتسألون بعد عن أسباب المخاوف من النتائج المتوقعة للطعون النيابية؟