الفراغ آتٍ… ومن سيفرض هويّة الرّئيس؟
جاء في “المركزية”:
تقول اوساط رئيس مجلس النواب نبيه بري انه في جهوزية تامة للاستحقاق الرئاسي وسيوجه الدعوة الى جلسة لانتخاب رئيس جديد مطلع ايلول المقبل التزاما بالمهل الدستورية. بيد ان الدعوة لا تعني الانعقاد ولا انتخاب رئيس في ضوء المعطيات المتجمعة في فلك الاستحقاق حتى الساعة والتي ترجح كفة الفراغ على الانتخاب، لمدة شهر على الارجح اي قبل نهاية العام، ربطا بتموضع القوى السياسية في الداخل وانقسامها عموديا، وانهماك الخارج بملفاته في ظل تدهور دراماتيكي على اكثر من مستوى. اوروبا منهمكة في حرب اوكرانيا، تسعى لتأمين الغاز والنفط والمياه قبل فصل الشتاء، اميركا تبحث عن نفط اضافي تسعى لتأمينه من العراق والسعودية بشروطها، والاثنتان تدفعان في اتجاه بلوغ الاتفاق النووي بتنازلات ايرانية. وتبعا لذلك، يبقى لبنان من دون رعاية اقليمية او دولية باستثناء تفويض اميركي عربي لفرنسا لادارة ملفه وانجاز الاستحقاق الرئاسي تجنبا للفراغ.
فرنسا ستتحرك اعتبارا من ايلول مع بدء مهلة الشهرين الدستورية، آملة بطي الملف وانتخاب رئيس ولو بعد 31 تشرين الاول رهانا على بلورة صورة التطورات في المنطقة والعالم من الملف النووي الذي يبدو يحرز تقدما يؤمل ان يثمر توقيعا مع نهاية العام والمفاوضات السعودية -الايرانية والانتخابات الاسرائيلية والوضع في العراق. اما هوية ونوعية الرئيس، فما زالت موضع اشكال بحسب ما تبلغ اوساط سياسية مطلعة “المركزية”، ذلك ان قوى سياسية لبنانية ابلغت السفيرة الفرنسية في لبنان آن غريو بأن تسقط فرنسا من خيارها الرئاسي للبنان، الشخصية الاقتصادية المالية والاتجاه نحو شخصية سياسية متمرّسة على يقين بالواقع اللبناني وتعقيداته، تملك رؤية للحل وقادرة على توفير مناخ سياسي مشجع للاستثمار. وتعزو خيار فرنسا هذا الى خيبة امل الرئيس ايمانويل ماكرون من تعاطي الطبقة السياسية اللبنانية “الفاسدة” وفق تعبير الفرنسيين التي اجهضت مبادرة ماكرون لانقاذ لبنان بعدما اطلقها اثر انفجار مرفأ بيروت حينما زار لبنان واجتمع مع القوى السياسية في قصر الصنوبر وعقد مؤتمره الصحافي الشهير. اذ رفضت بمعظمها التمسك بحبل الخلاص الذي مدته فرنسا لانقاذ لبنان.
وتضيف ” فرنسا الان في مرحلة فرز الاسماء، تريد ان تجري الانتخابات في موعدها، تاركة المجال للطبقة السياسية لتفرز اسم الرئيس، ذلك انها استنادا الى التجربة السابقة لن تسير عكس خط سير الطبقة السياسية. فالمطلوب رئيس تفاهم توافقي مرضي عنه من الجميع، غير استفزازي منفتح عربيا ودوليا. وتشرح ان استدارة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط المتأقلم دوما مع التطورات والمتماهي مع رياح التغيير تهدف الى الاحتفاظ بدوره كبيضة قبان واستعادة ميزة اختيارالاسم الذي تمتع بها والده كمال جنبلاط. فالزعيم الاشتراكي، وقد شغّل راداراته، التقط اشارات التغيير وذبذبات التبدل، ليشكل مع الثنائي الشيعي لاسيما الرئيس نبيه بري تحالف الاختيار والاتفاق.
اما سائر القوى السياسية، فتتموضع في المنطقة الضبابية رصدا لما قد تؤول اليه التطورات لتحدد في ضوئها طبيعة وهوية الرئيس العتيد ودور لبنان في المنطقة التي تتقاذفها حتى الساعة رياح التغيير والتحولات، بحيث يتم اختيار رئيس تبعا للنتائج ووفقا للمنحى الاقليمي والدولي، وهو ما يعزز فرضية الفراغ الموقت، الا اذا حصلت اعجوبة واتفق اللبنانيون في ما بينهم على شخصية تتولى منصب رئيس الجمهورية ومهمة انقاذ الوطن الغارق في وحول مناكفاتهم وصراعاتهم، فيقدمونها آنذاك للخارج ليقتنع بها. وخلاف ذلك، سيبقى لبنان ومن فيه يتخبطون في اتون بركان هائج لن يسلم احد من حممه الحارقة.
الاشهر المقبلة حافلة بالتطورات، تختم الاوساط، وفي ضوء نتائجها يتم اختيار رئيس لبنان… عسى الا يكون الموعد بعيدا!