لقاء جنبلاط – حزب الله: نقاشات عامة و”اتفاق” على رئيس؟
كسر لقاء “كسر الجليد” بين رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط وحزب الله الجمود السياسي في البلاد، بالتوازي مع استحقاقين من شأنهما إبراز مدى التغيرات التي ستصيب لبنان، هما: الانتخابات الرئاسية في 31 تشرين الأول المُقبِل وملف ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، في ضوء ما ستحمله الأيام المقبلة.
وجاء في” نداء الوطن”: كشفت مصادر مطلعة على أجواء اللقاء الذي عقد بين رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط والمعاون السياسي للأمين العام لـ”حزب الله” حسين خليل أنّ جنبلاط أكد بصريح العبارة لخليل أنه “يرفض انتخاب رئيس جمهورية ينتمي إلى فريق الثامن من آذار أو أي رئيس يشكل تحدّياً لهذا الفريق أو ذاك”.ونقلت المصادر لـ”نداء الوطن” أنّ لقاء كليمنصو سادته “أجواء بالغة الصراحة” فاستهله وفد “حزب الله” بالإعراب عن “الرغبة بفتح صفحة جديدة” بين الجانبين، فبادر جنبلاط إلى طرح “جملة أسئلة” واضعاً الإجابة عليها برسم قيادة “حزب الله” في الأيام المقبلة. ففي الملف الرئاسي سأل: “هل أنتم مستعدون للقبول بانتخاب رئيس جمهورية من خارج صفوف 8 آذار؟”، وفي ملف الترسيم توجّه إلى خليل بصراحة متسائلاً: “هل قضية التصعيد الحدودي أكبر من مسألة شد الحبال التفاوضية مع إسرائيل وهل لها أبعاد إيرانية وروسية في إطار الصراع مع الغرب؟” وأردف: “نحن لا نوافق على خيار الحرب لأنكم إذا دفعتم الأمور في هذا الاتجاه ستقضون على البلد وعلى آخر فرصة متاحة لإنقاذه واستنهاضه من خلال ثروته النفطية والغازية”.
وكذلك في موضوع صندوق النقد الدولي طالب جنبلاط “حزب الله” بموقف واضح وصريح إزاء عملية التفاوض مع الصندوق، منبهاً “حزب الله” إلى أنّ الخلاص المالي والاقتصادي للبنان لن يكون إلا عبر صندوق النقد “أما إذا تركتم البلد ينهار فسينهار عليكم وعلى الجميع”. وإذ حرص وفد “حزب الله” الذي ضم إلى خليل، مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق وفيق صفا، على عدم إعطاء أجوبة شافية ونهائية على أسئلة جنبلاط، نقلت المصادر أن الوفد اكتفى في الموضوع الرئاسي بتأكيد “الانفتاح على النقاش في كل الخيارات”، وأبدى في ما يتصل بصندوق النقد عدم وجود “اعتراض مبدئي” على المفاوضات معه لكنه شدد على الحاجة إلى “التمعن في درس العديد من التفاصيل”. أما في قضية الترسيم البحري مع إسرائيل، فكان جواب “حزب الله” قاطعاً: “ليس لدينا هوس الحرب لكن إذا تمادى الإسرائيلي وتخلت الدولة عن دورها فلن نبقى مكتوفي الأيدي” في إشارة إلى جدية الجهوزية لكافة السيناريوات بما فيها سيناريو “الحرب”.
واستنادا الى مصادر ” اللواء” فإن اللقاء انتهى الى الاتفاق على معاودة البحث في المواضيع المطروحة لاحقا، بعد عرض خلاصة ما جرى مع قيادة الحزب، فيما لوحظ ان النقاش الذي تناول الاستحقاق الرئاسي، ركز على ضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها الدستوري خشية الفراغ ومؤثراته السلبية على الوضع العام، بعدما وصلت الامور الى الوضع الكارثي الذي لا يحتمل مزيدا من الانقسام والخلافات السياسية، بينما بقيت مواصفات الرئيس المقبل تميل إلى تحقيق تفاهم مقبول حوله، في ظل انقسام معظم القوى السياسية، وعدم وجود تكتل يمثل الاكثرية، لايصال من يرشحه للرئاسة الاولى.
وبحسب” الديار”: وفقا لمصادر مطلعة كانت الاجواء ودية للغاية غابت عنها التشنجات،وبقيت النقاشات عامة وشملت كل المواضيع المفصلية سياسيا واقتصاديا،وكانت جولة افق لامست الاستحقاقات الداهمة دون الغوص في تفاصيلها، وقد ابدى الجانبان حرصهما على فتح صفحة جديدة في العلاقة بعيدا عن التوتر ومعالجة التباينات بالحوار. وفي هذا السياق، لفتت تلك المصادر ان رفع حزب الله لمستوى التمثيل بحضور خليل الى كليمنصو اشارة الى رغبة “حارة حريك” بملاقات جنبلاط في «منتصف الطريق»، وخطوة “الالف ميل” ستنتهي حكما بلقاء السيد حسن نصرالله- جنبلاط في حال تطورت الامور الى تفاهمات حول الملفات الاساسية.
وكتبت” الاخبار”: مصادر مطلعة أكّدت أن الأجواء كانت “إيجابية وودّية” في اللقاء الذي استمر حوالي خمسين دقيقة. وكان “الطرفان واقعيْين في مقاربتهما للأمور، مع التسليم بوجود شبه استحالة في الاتفاق حول بعض القضايا”، لكن “هناك إدراك جدي لضرورة إبقاء قنوات التواصل مفتوحة خصوصاً أن اللحظة حرجة جداً”.بحسب المصادر، ركّز جنبلاط على ملف الانتخابات الرئاسية، فكرر موقفه بضرورة انتخاب رئيس يمثل الحدّ الأدنى من التوافق ولا يكون استفزازياً لأحد، وهو ما أيده وفد الحزب الذي اعتبر أن “الأمر بحاجة إلى التشاور بينَ الأطراف الأساسية والتفكير سوياً خصوصاً في ظل الحصار الذي تفرضه الولايات المتحدة على لبنان” واستفسر جنبلاط حول دعوة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، في ذكرى عاشوراء، إلى تشكيل حكومة حقيقية كاملة الصلاحيات تتحمل المسؤوليات في حال الشغور الرئاسي، وسأل ما إذا كان لدى الحزب مؤشر على عدم انتخاب رئيس للجمهورية، فأكد الخليل “أننا نسعى للإثنين ولا نريد الفراغ في أي من المؤسسات”.
وأبدى جنبلاط اهتماماً كبيراً بملف الترسيم، سائلاً عمّا إذا كانت المسيّرات الثلاث التي أطلقت فوق سفينة التنقيب في الثاني من تموز الماضي رسالة إيرانية لتحسين شروط التفاوض حول الملف النووي، فجاءه الجواب بالتأكيد أن “إيران ليست بحاجة إلى مسيّرات لتحسين موقفها، وهذه المسيرات هي لتحسين موقع لبنان في عملية التفاوض البحري والضغط من أجل السماح له باستخراج النفط والغاز والاستفادة من ثروته. عندها سأل جنبلاط: «هل نصل إلى الحرب؟»، فكان الرد: «إذا أصرّت إسرائيل على حرمان لبنان من حقه ومنعت عنه ثروة قد تكون خشبة خلاص للبلاد، فلن نموت في الطوابير. وكل الخيارات موضوعة على الطاولة».وفيما اتفقَ الطرفان على استكمال التشاور والتنسيق بينَهما في الفترة المقبلة، لم تحدد آلية التنسيق بعد، وهو ما سيجري الاتفاق عليه خلال أيام.
وكتبت” البناء”: قالت مصادر متابعة إن سقف الملفات كان منخفضاً، وأقرب الى الاستعراض والاستيضاح للمواقف، لأن الأهم بالنسبة للفريقين كان من زاوية جنبلاط الانتقال من ضفة الخصومة العدائيّة والتموضع ضمن حلف شعاره العداء لحزب الله، الى ضفة الحوار وربط النزاع حول الخلافات وفتح قنوات التواصل نحو التفاهمات في القضايا المشتركة، بينما بالنسبة لحزب الله فخطوة جنبلاط كافية لإعلان سقوط جبهة الحرب الداخليّة على حزب الله المعلنة منذ 17 تشرين الأول 2019، والتي سعت لتحشيد مروحة من القوى التقليديّة والجديدة أملا بمحاصرة حزب الله ورهاناً على كسب الأغلبية النيابية بوجهه. وهذه الجبهة التي كان جنبلاط بيضة القبان فيها تفقد حضورها بانتقاله من خطاب العدائيّة إلى خطاب الحوار، ولذلك تعتقد المصادر أن أهميّة اللقاء ليست بنتائجه المباشرة ولا بمواضيع النقاش على طاولته بل بمجرد انعقاده.