عقيقي تصرف بموجب”القانون” وعون “على راسا”… مخرج قانوني على الطريقة اللبنانية
جاء في “المركزية”:
ليست المرّة الأولى التي تمتنع فيها المدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون عن الحضور إلى مجلس القضاء الأعلى ، وترفض الامتثال لتوصياته ولقرارات رئيسها المباشر النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات. هذه المرة أيضا فعلتها ورفضت دعوة المجلس للإستماع إليها حول “غزوة” مقرّ “مصرف لبنان” في بيروت، ومحاولة توقيف الحاكم رياض سلامة، من دون التنسيق مع المدعي العام في بيروت والحصول على إذن مسبق. واكتفت بإرسال مذكرة اعتذار إلى المجلس تبرر أسباب امتناعها عن الحضور وتقديم إفادتها “بانشغالها بملفّات مهمّة، وأن يومها حافل بجلسات تحقيق لا يمكن تأجيلها وتلبية رغبات المجلس”.
عذر عون غير مبرر قانوناً، طالما أن مجلس القضاء آثر تحديد موعد عقد جلسة الاستماع إليها وإلى القضاة الثلاثة الآخرين وهم النائب العام الإستئنافي في بيروت القاضي زياد أبو حيدر للإستفسار عن أسباب عدم اتخاذه أي إجراء في ملف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي احيل إليه من النيابة العامة التمييزية للادعاء والمحامي العام الاستئنافي في بيروت القاضي رجا حاموش ومفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية بالانابة فادي عقيقي في الساعة الثالثة من بعد الظهر، أي بعد انتهاء الدوام الرسمي وتفرّغ القضاة الذين جرى استدعاؤهم من أعمالهم” عدا عن أن العمل في أروقة النيابة العامة في جبل لبنان التي ترأسها غادة عون شبه متوقف بسبب إضراب المساعدين القضائيين المفتوح ، واستحالة عقد جلسات تحقيق من دونهم.
مستغربا تصرف القاضية غادة عون يقول القاضي شكري صادر الذي عاصر عدلية ما قبل الـ1975 :” عموما هذه الأمور لم تكن تحصل أيام العز . فعندما كان يدعو مجلس القضاء الأعلى قاضيا للمثول أمامه ” كان يروح وعم يرجف” .إلى هذا الحد كانت الرهبة والهيبة داخل الجسم القضائي وكذلك الحال عندما كان يُستدعى قاضٍ أمام التفتيش القضائي.
ويوضح صادر أن مجلس القضاء الأعلى يدعو ولا يستدعي “وعندما نقول “يدعو” إنما يكون ذلك للإستفسار عن قضية ما ليطلع عليها القاضي ويبني على الشيء مقتضاه قبل إحالته إلى التفتيش القضائي. أما الإستدعاء فيعني أن هناك عقوبة وإجراءات تتخذ في حال عدم مثول القاضي”.
هذا في القانون أما في أصول اللياقة ” شرف كبير أن يُدعى قاض للمثول أمام مجلس القضاء لأنه يعني أنه لا توجد عقوبة في حقه والدعوة للإستفسار ومعرفة المبررات.”. اليوم تغيرت المقاييس “والظاهر أن عون كانت تخشى من أن توجه إليها السهام ففضلت عدم الحضور واكتفت بإرسال ورقة تفسيرية لما حصل معها في قضية الدخول إلى مبنى حاكمية مصرف لبنان في بيروت وهذا لا يرتب عليها أية نتائج قانونية لأن المجلس يدعو ولا يستدعي”.
بعد الجلسة المطوّلة والإستماع إلى القضاة الثلاثة لم يصدر اي بيان عن المجلس كما كان مقررا، فأبقى على جلساته مفتوحة ولم يحل القاضي عقيقي في ملف توقيف المطران موسى الحاج إلى التفتيش القضائي. انتهت؟ حتما لا، علما أن نتائج الجلسة تؤكد بحسب القانون “بأن مجلس القضاء قد يكون تفهّم وجهة نظر القاضي عقيقي واعتبر أن الأسباب التي استند إليها في توقيف المطران الحاج لا تشكل الخطأ الجسيم وإلا كان اتخذ قراراً بإحالته على التفتيش القضائي، أو كان طلب من الأخير التحرك للإستماع إلى عقيقي وعليه سيستأنف عمله بشكل طبيعي”.
الأكيد بحسب صادر أن “مجلس القضاء أكبر من أن يسير بلعبة المسايرة، خصوصا أنه قرر دعوة كل من القضاة حاموش وأبي حيدر وعون وعقيقي وليس في صدد تنفيس الإحتقان. جل ما في الأمر أن القاضي عقيقي اتخذ هذا التدبير وفقا لقناعاته بأن هناك مواد جرمية ضبطها من عملاء أرسلوا أموالا لأهاليهم وأدوية مكتوب عليها باللغة العبرية وهذه مخالفة لقانون مقاطعة إسرائيل. هذا في القانون. لكن في الشق الإنساني الأمر يختلف”
ويشير في السياق إلى القرار الصادر عن القاضي رالف رياشي عام 1996 الذي فيه يميز بين التعامل مع العدو لمجرد التعامل وبين وجود نية جرمية وهنا تكون المعاقبة مفروضة. و”لو اطلع عقيقي على هذا القرار لكان الملف أقفل في لحظتها، إذ لو ثبت أن هناك نية جرمية-لا سمح الله- لدى المطران الحاج فليعاقب”.
في أصول المعاملة حدّث من دون حرج. فالتساوي في المعاملة بين وكيل بطريركي ولص دراجات، غير مبرر. كان من الأجدى أن يستدعيه عقيقي إلى مكتبه على فنجان قهوة ويستفسر منه عن المضبوطات بدلا من أن يتم توقيفه في مركز الأمن العام عند الحدود اللبنانية-الإسرائيلية لمدة 12 ساعة ونصف، ويتولى عقيقي التحقيق معه من مكتبه الخاص. هذا تحقير إنما النضوج في التعاطي واللياقات تتوقف على أخلاقيات كل قاضٍ.
حتى اللحظة لا تزال المضبوطات التي تشكل مادة جرمية في النيابة العامة محجوزة ،علما أن العنصر المعنوي غير موجود أي نية التهريب وخيانة الوطن ولا يمكن أن يستردها المطران الحاج إلا بعد مثوله أمام القضاء العسكري بعد تحويل الملف إلى قاضي التحقيق بحسب الأصول.
ماذا لو لم يمثل المطران الحاج؟” عم بيجربوا يلاقولا مخرج والمصيبة عندنا تكمن في المخارج” ويختم صادر” لو قرأ عقيقي قرار رياشي كان يمكن أن يكوِّن عقيقي الرأي، فإما يكون المطران الحاج متهما بالخيانة أو بريئا…ولشو كل هالمزحة مع المطران؟”.