الفاتيكان ولبنان: هل يُطَبِّع مع خيارات حزب الله؟
جاء في وكالة “أخبار اليوم”:
ثمّة من يسعى من حينٍ إلى آخر لاستنفار رأي عام مُحبَط من سقوط خيار “حلف الأقليّات”، و”المسيحيّة المشرقيّة”، و”استدعاء الحمايات”، ليعمِم أخباراً عن أنَّ الفاتيكان مرتاحٌ لكلّ ما قام به “حزب الله” في لبنان، وبالتالي يحبِّذ التحالف الذي ارتبط به التيّار الوطني الحرّ معه، وتذهب هذه الأخبار المفبركة في معظمها إلى حدِّ الحديث عن اجتماعاتٍ، ووفود متبادَلة، ووثائق تفاهم، وتظهير تباين حاد بين موقف البطريركيّة المارونيّة من الانقلاب على الدستور، ومن السلاح غير الشرعيّ، ومن زجّ لبنان في صراعاتٍ إقليميّة بخلاف الحياد الذي يشكِّل جوهر كيانه الميثاقي.
هذا السّعي الحثيث المشبوه تناقضه كليّاً مواقف الفاتيكان الواضحة المعالِم في لبنان، وقد وردَت هذه المواقف، ولم تزَل، بشكل حاسم في ما أعلنه قداسة البابا فرنسيس أكثر من مرّة عن “الخطر الداهم على الهويّة اللبنانيّة”، ومن يقرأ عميقاً في هذا الكلام يُدرك الإشارة الدقيقة إلى أنَّ البابا فرنسيس يؤشِّر إلى وعي عميق إلى أنَّ ثمّة عملاً منهجيّاً لتدمير فكرة لبنان الحريّة والتنوّع، وثقافة الدولة فيه، وهنا يسأل مصدر مطّلع على السياسة الفاتيكانيّة: “ألا يفهم حزب الله وحليفه التيار الوطنيّ الحرّ أنَ مقاربة مماثِلة تؤشِّر إلى خياراتهما الأيديولوجيّة بالدرجة الأولى؟ ولنترُك السياسة جانِباً هنا”.
أمّا أمين سرّ دولة الفاتيكان الكاردينال بييترو بارولين ومنذ زيارته إلى لبنان بعد تفجير مرفأ بيروت، فإنَّ في سُلَّم أولويّته القضيّة اللبنانيّة، وهو يوليها بتوجيهات من البابا فرنسيس أهميّة قصوى، وإحدى الأولويّات قضيّة العدالة في تفجير مرفأ بيروت، وسؤاله الدّائم “لِمَ عرقلة التحقيق؟ ومن المستفيد؟” ويسأل المصدر المطّلع على سياسة الفاتيكان: “أليسَت هذه إدانة واضِحة لِمن يعرقل التحقيق وهو معلوم؟”.
يبقى أنَّ لبنان الذي بات على لائحة الدول المصدِّرة للكبتاغون، والمصدِّرة للمقاتلين، والنّاهبة لأموال ناسها، بما يناقِض أخلاقيّات الفاتيكان، وهذا يُثبت بحسب المصدر عينه مُعادلة دقيقة: “الفاتيكان يواجه أخلاقيّا كلّ محترفي الجريمة المنظّمة، وهو لطالما نظر إلى لبنان نموذجاً حضاريّاً في الحريّة والتنوّع والأخوّة، ودولة قانون وعدالة، يسودها الدستور، وبالتالي كلّ ما يناقِض ذلك يرفضه الفاتيكان وهو يقوم بما يلزَم مع أصدقائه في العالم الحرّ لمساندة الشعب اللبنانيّ لاستعادة هذا النموذج الحضاريّ”.
بالاستناد إلى كلّ ما سبق هل يفهم حزب الله وحلفاؤه أنَّ المواجهة حضاريّة، وما يسعى إلى تسويقه في بعض الكواليس السوداء من تَبَنِّ الفاتيكان لخياراته بحواراتٍ واهمة أضغاث أحلام؟