اهم الاخبارمحليات

التنقيب عن النفط تأجل 3 سنوات… أين الحقيقة؟

جاء في “المركزية”:

“نحنا بدنا نبلش التنقيب عن النفط والغاز والقبضاي يوقفنا”. شعار لا يخلو من التحدي والمواجهة دفاعا عن ثروة لبنان النفطية التي باتت في مهب التسويات الدولية والحسابات السياسية الضيقة في الداخل اللبناني. لكن يبدو أن كلام وشعارات الإنتخابات بددتها النتائج فاقتصرت الشعبوية على تضليل الرأي العام فيما حقيقة ملف التنقيب لا تزال في قعر البحر.

الأكيد أن عمليات التنقيب في البلوكات 4 و 9 تجمدت بعدما عمدت شركة توتال إلى الطلب من الجانب اللبناني تأجيل مباشرة أعمال التنقيب في البلوك رقم 9 لمدة 3 سنوات وفي البلوك رقم 4 لمدة سنة. وتحت ستارة همروجة الإنتخابات النيابية وانشغال اللبنانيين في التحضير لها، وقع مجلس الوزراء على مرسوم التأجيل في الجلسة التي عقدت بتاريخ 5-5-2022 . نعم، بشحطة قلم حُرم لبنان من نعمة الإستفادة من ثرواته الطبيعية ومن دون أي تبرير من قبل المسؤولين الذين “أطاعوا” رغبة شركة توتال. فهل ثمة تبرير؟

نبدأ من طلب شركة توتال التأجيل لمدة 3 سنوات بحجة أن هناك نزاعا بحريا على البلوك رقم 9 . إلا أن العودة إلى تاريخ توقيع توتال العقد بعد فوزها في دورة التراخيص الأولى عام 2018 يكشف أن النزاع البحري كان قائما على البلوك 9 ولم تبد الشركة اعتراضا، فلماذا استنفرت اليوم وطلبت تأجيل المباشرة بأعمال التنقيب على البلوك 9 مدة 3 سنوات؟ أكثر من ذلك عندما تقدم الجانب اللبناني باقتراح الخط 29 تم تحرير الشركة من النزاع المذكور ولم يعد هناك من مبرر للسيناريو الذي تقدمت به توتال لجهة التأجيل إلا إذا سلمنا جدلا بأن الحقيقة تكمن في مكان آخر.

مصادر مطلعة أكدت لـ”المركزية” أن المبرر الوحيد الذي دفع توتال إلى طلب تأجيل أعمال التنقيب مدة 3 سنوات هو الضغط الذي تعرضت له من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل بهدف إجبار لبنان على القبول بالحل الذي طرحه الوسيط الأميركي مؤخرا أو بما يشبهه. والثابت أن مصلحة توتال تكمن مع الولايات المتحدة وليس مع لبنان علما أن هناك عقدا وموجبات وبنودا جزائية موجودة في العقد الموقع مع شركة توتال.

ذريعة التأجيل ليست الأولى في برنامج عمل شركة توتال. فأعمال التنقيب التي كان يفترض أن تبدأ بها منذ نحو العام تأجلت بسبب جائحة كورونا حتى تاريخ 10-2022 واليوم تم التمديد لثلاث سنوات بحجة النزاع البحري ، في حين تقول الحقيقة بأن الشركة غير مستعدة لإثارة أي إشكالية مع الولايات المتحدة فرضخت لموجبات عرضها.

السبب الثاني الذي ينقض ذريعة شركة توتال هو حرب روسيا على اوكرانيا وانعكاسها على أزمة الغاز عالميا .وفي قراءة عقلانية كان يفترض بشركة توتال استغلال فرصة التنقيب عن الغاز لتعويض النقص الحاصل في اوروبا بعد وقف روسيا إمدادها بهذه المادة. إذا ثمة قطبة مخفية. لكن السؤال الذي يطرح من المستفيد لبنانيا من هذا التأجيل ولماذا وافق مجلس الوزراء على طلب التأجيل لمدة 3 سنوات ووقع على المرسوم بطريقة لا تخلو من الريبة والشك؟ الجواب يكمن في مصلحة كل مسؤول وسياسي يطمح إلى نيل رضى الولايات المتحدة لأهداف شخصية وحسابات سياسية في المستقبل . لكن لو عاد الوزراء الذين وقعوا على مرسوم التأجيل أو الذين اعترضوا بصمت إلى الوراء لتأكدوا من عدم صوابية هذه الخطوة وبأن أقصى ما يمكن أن ينالوه مجرد وعود بوعود.

ما يثبت أن عملية التأجيل من قبل توتال وقبول الطرف اللبناني خاضعة لعملية ضغط وابتزاز خارجية أنه في دورة التراخيص الثانية التي فتحت والتي تنتهي مدتها في 15 حزيران المقبل، لم تسجل أية شركة إسمها ولم يتلق الجانب اللبناني أي اتصال من قبل إحدى شركات التنقيب مما يؤكد أن ثمة قطبة مخفية مفادها عدم التوقيع على أي عقد للبدء بأعمال التنقيب في البلوكات المتبقية قبل أن “يرضخ” الجانب اللبناني للشروط التي تقدم بها الوسيط الأميركي . أما محاولة الجانب اللبناني التذاكي على السيناريو الأميركي-الإسرائيلي من خلال اللجوء إلى شركات عربية أو إقليمية أو روسية فهي فاشلة بامتياز إذ لا توجد شركة في إيران أو روسيا تمتلك الوسائل التقنية العملاقة للحفر على أعماق تصل إلى حدود 4 آلاف متر.

إزاء هذا السيناريو يبقى الحل الوحيد ويتمثل بمنع إسرائيل من التنقيب في حقل كاريش من خلال تعديل المرسوم رقم 6433 وإيداع الخط 29 في الأمم المتحدة وبذلك يصبح ممنوعا عليها التنقيب في منطقة متنازع عليها وتصبح شركة إنرجين المخولة بأعمال التنقيب على هذا الخط في حقل كاريش محرجة دوليا مما يدفعها إلى إلزام كل من إسرائيل والولايات المتحدة إيجاد حل للموضوع.

حتى اللحظة لا شيء يوحي بأن ثمة قرارا باتخاذ الجانب اللبناني أية خطوة منع مقابل تمنع إسرائيل والولايات المتحدة عن السماح لشركة توتال ببدء أعمال التنقيب أو استثمار شركات جديدة “والقبضاي يحكي”.

Related Articles

Back to top button