الشرق الأوسط أمام عصر من حروب جديدة.. ما هي؟
نشر موقع “الحرة” تقريراً تحت عنوان: “تحليل: الشرق الأوسط أمام عصر من حروب التكنولوجيا الحديثة”، وجاء فيه:
أكد تحليل نشرته مجلة “فورين أفيرز” أن التوازن العسكري في الشرق الأوسط، الذي كان يوماً ما أساس استقرار المنطقة، آخذ بالتفكك أمام رياح التغيير التكنولوجي والاستراتيجي الجديد.
وحذر التحليل الذي أعده كينيث بولاك، من معهد أميركان إنتربرايز، أنه على الجميع الاستعداد “لإعصار الصراع المستقلبي” في المنطقة.
وأوضح أن المراقبين ينظرون إلى أواخر القرن العشرين على أنها فترة استقرار نسبي في الشرق الأوسط، وأن التغييرات في ما يتعلق بالحدود بين الدول والأنظمة الحاكمة كانت قليلة، إذ إن معظم الدول الكبرى توقفت عن محاربة بعضها البعض بعد عام 1973، مشيرا إلى أن هذه القاعدة فيها بعض الاستثناءات، وأبرزها صدام حسين ومعمر القذافي.
وكان أساس هذا الاستقرار، توازن عسكري “شبه مستحيل للتغيير” قائم على وجود الولايات المتحدة في المنطقة، والتي كانت على تقارب كبير مع إسرائيل، ومنحتها الكفاءة والقدرة العسكرية، وفي الطرف الآخر كانت الدول العربية التي لا تمتلك أدوات لشن حرب فعالة، فيما دخلت إيران وتركيا ضمن المعادلة أيضا.
ويلفت التحليل إلى أن الولايات المتحدة وإسرائيل استخدمتا القوة ضد الأعداء الخارجيين حفاظا على الوضع الراهن، رغم دخولهم في حروب طويلة، إذ دخلت إسرائيل في حرب مع لبنان استمرت تداعياتها 18 عاما، ودخلت الولايات المتحدة في حرب داخل العراق استمرت لعدة سنوات.
وقبل عشرين عاماً، كانت إيران وتركيا أضعف من أن تستخدما القوة ضد جيرانهما، ولكنهما اليوم يبرزان قوتاهما عبر الشرق الأوسط بشكل كبير.
انسحاب أميركي
ومع ظهور تقنيات عسكرية ومدنية جديدة، وتفكير الولايات المتحدة في دور أصغر في الشؤون الداخلية للمنطقة، بدأ هذا التوازن في التغير خلال السنوات الأخيرة، وقد يعيد تشكيل المشهد في المنطقة، بحسب التحليل.
وسيخلق الخروج الأميركي من الشرق الأوسط الأوسط “فراغا أمنيا”، وهو ما قد يمنح قوى عدوانية المجال للمسارعة في ملء هذا الفراغ.
وأضاف التحليل أن دول الشرق الأوسط ستجد صعوبة متزايدة في معرفة من له اليد العليا على الصعيد الاستراتيجي، خاصة وأن عصر حرب المعلومات يهدد بتمزيق القوانين الجيوسياسية التي حكمت الشرق الأوسط خلال العقود الماضية.
وأشار التحليل إلى أن “البشرية” ربما “تبحث عن طرق جديدة لقتل نفسها” إذ لا توجد حرب مثل سابقاتها، خاصة في ظل التحولات الاقتصادية الواسعة، والتغييرات التكنولوجية العسكرية، موضحاً أنه مثلما أعادت الثورة الصناعة تشكيل المعارك في أوائل القرن العشرين، فإن ثورة المعلومات تفعل هذا الأمر الآن.
وذكر أنه حتى الآن لا أحد يعرف أي التقنيات ستصبح أساسية في الحروب، إذ إن الجيوش لا تزال تكتشف كيفية خوض الحروب في عصر المعلومات.
وأثبتت بعض التكنولوجيات الجديدة أنها ذات قيمة كبيرة في مجالات القتال، خاصة في ما يتعلق بالعمليات الجوية، التي أصبحت ترتبط بالحرب البرية والبحرية، وتعتمد بشكل كبير على جمع المعلومات الاستخبارية والقدرات اللوجستية.
وقال التحليل إن من الأمثلة على الحروب المستقبلية تلك التي تستخدم فيها طائرات مثل “أف -35” الحربية، والتي تمتلك أجهزة استشعار ورادارات مرتبطة بذخائر بعيدة المدى، يمكن تشغيلها ببرامج مرتبطة بالذكاء الاصطناعي.
ولفت إلى أن مثل هذه الأسلحة التي تمتلكها إسرائيل، تسعى الإمارات إلى امتلاك بعضها، وستحصل عليها السعودية في وقت ما، مع احتمالية أقل لحصول مصر والعراق والأردن عليها.
ويرجح التحليل أن ظهور تكنولوجيا جديدة وتراجع القوة المهيمنة في الشرق الأوسط، قد يعتبر مزيجاً قابلاً للاشتعال، إذ إن الحروب تصبح أكثر شيوعا عندما لا يستطيع الناس تقييم التوازانات العسكرية بدقة.
وأشار إلى أن العديد من الدول العربية كانت تعتقد أنها أقوى مما كانت عليه، وهو ما تسبب في خسائر لمعظم هذه الدول، وكانت التداعيات السياسية كبيرة.
والتوزان العسكري القديم في الشرق الأوسط آخذ في الانهيار بسبب التكنولوجيا العسكرية الجديدة، وترسيخ أدوات جديدة للحرب، وستكون بعض الدول أكثر قدرة على توظيفها أكثر من غيرها، وفق التحليل.
وحتى الآن، لا يعرف المحللون أو القادة أي الدول ستثبت أنها الأكثر قدرة على شن حرب القرن الحادي والعشرين بسبب وجود تغييرات جذرية من شأنها إعادة توزيع القوة عبر الشرق الأوسط.