فضيحة الـ NGOs
… بعد التفجير المشؤوم والمُدان لمرفأ بيروت في 4 آب 2020، والذي خلّف دماراً وخراباً لا يوصفان، ناهيك عن 226 شهيدة وشهيداً، وأكثر من ٦٠٠٠ مصاب، ما زال معظمهم يُعانون التداعيات الصحيّة والجسدية والنفسية، بادرَت قيادة الجيش الى إجراء مسح شامل للأضرار، وتمّ تقدير كلفة إعمار بيروت وضواحيها، والمرفأ ومنشآته بما يناهز الملياري دولار أميركي… لتعود بيروت أفضل ممّا كانت عليه!
… وزارنا أحد الرؤساء… وصرّح بأنّ المجتمع الدولي «لا يثق بمؤسسات الدولة»! وبأنّ المساعدات، وكلفة إعادة الإعمار، ستحوّل مباشرة الى الشعب اللبناني، عبر جمعيات المجتمع المدني… الـ NGOs!
ومنذ ذلك التصريح «الخطير»، تمّ تأسيس ما يزيد عن الألفي جمعية جديدة! أُضيفت الى الـ 15000 جمعية العاملة أساساً على الأراضي اللبنانية، وتمّ تحويل ما يزيد عن الأربع مليارات من الدولارات الإميركية «الطازجة» من «الجهات المانحة»، الى جماعات الـ NGOs! وبعضهم يسرّب ويتحدث همساً بأنّ مجموع التحويلات قدّ تجاوز الـ ٦ مليارات من الدولارات الخضراء البرّاقة!
كلّ هذا الكمّ الهائل من الدولارات، وما زالت بيروت لم تعمّر… ولم يُعد تأهيل المرفأ… وما زال المتضررون بانتظار المنّ والسلوى؟!
فأينّ ذهبت الأموال؟!
لقد بدأت روائح الفضائح تتسرّب من زوايا هذه الجمعيات، خاصةً بعد اختفاء بعض مسؤوليهم عن الساحة، وتسلّلهم إلى خارج أرض الوطن، حاملين الدولارات الخضراء في حقائبهم من دون رادع أو رقيب.
أضف إلى بروز ظاهرة جديدة في عالم الجمعيات، هو تعاطيها وتدخّلها في العملية الإنتخابية الجارية حالياً في لبنان، عبر نشر اللوحات الإعلانية، وعبر إطلاق الحملات الإعلامية الهادفة إلى الضغط النفسي على الناخبين، بهدف تغيير قناعاتهم… علماً بأنّ المادة الأولى من النظام الداخلي للجمعيات في لبنان تنصّ حرفياً على التالي: «جمعية مدنية لا تتوخّى الربح، وهي لا تتعاطى الأمور الدينيّة أو السياسية…»! والحالة هذه، كيف تحوّلت بعض هذه الجمعيات إلى أبواق حزبيّة «رخيصة»… وإلى منابر لبعض الشخصيات السياسية، وإلى غطاء «إنساني» لها…؟! وأين نحن من إعادة إعمار بيروت ومرفئها… وأين نحن من التعويض على متضرّري المرفأ… وهما الهدفان الأساسيان اللذان على أساسهما تمّ الحصول على العلم والخبر من وزارة الداخلية اللبنانية…؟!
… الشعب اللبناني كلُّه، وبجميع فئاته وأطيافه وفرقائه، يثقُ بالجيش اللبناني… أما كان من الأفضل تحويل كلّ هذه الأموال الى قيادة الجيش الحكيمة… وكنّا أعدنا إعمار بيروت…؟
كانت العبارة الشهيرة تقول: «إن وراء الأكمة ما وراءها»… فأصبحت العبارة تقول: «إن وراء الـ NGOs ما وراءهم»…!
بكلّ احترام وتحفّظ…
المصدر: الجمهورية