هل ستطير نتائج الانتخابات نتيجة الطعن بها… ولماذا؟

جاء في ليبانون فايلز:
بدأت مجموعة من المراقبين رصد الإنفاق الإنتخابي، ويُحكى في الكواليس عن سهولة الطعن في الانتخابات النيابية المقبلة بحقّ الأحزاب الكبرى وفي كل الدوائر الانتخابية، وذلك من باب سهولة اثبات تخطيها سقف الإنفاق الإنتخابي المحدّد لها قانوناً.
تختلف هذه الانتخابات عن سابقاتها بسبب الوضع المالي الذي تعيشه 80% من الاسر اللبنانية التي حُرمت من تحريك سياراتها إلا للضروريات القصوى، بعد ان اضحت كلفة تعبئة الوقود للسيارة من الكماليات، فبات اللبناني يضرب “أخماساً بأسداس” لتحريك سيارته والوصول الى مكان قيده للاقتراع، خاصة في إنتخابات باتت نتائجها محسومة بعد تفكك المعارضة التي لو كانت موحدة لكانت دبّت الحماس في قلوب الناخبين ودفعتهم للذهاب للإقتراع مهما كلف الأمر، أمّا اليوم فقد اختلفت الأمور وهذا ما تتلمسه الماكينات الانتخابية للاحزاب في كل مرة تتواصل بها مع الناخبين غير المتحمسين رغم الاغراءات التي تُعرض عليهم من بونات بنزين الى مساعدات عينية ومغريات أخرى.
بحسب ارشيف الماكينات الإنتخابية، لم تكن تتعدى عملية نقل الناخبين أو اعطائهم بونات بنزين الـ 15 الى 20 % كحد اقصى من اجمالي المقترعين، الى ان اصبح الوضع معكوساً اليوم، وهذا ما سيسمح للاحزاب، صاحبة القدرات المالية الهائلة تأمين نقل الناخب (المشرعة قانوناً والتي لا تدخل ضمن تعريف الرشوة بالمعنى الجزائي للفعل اما من باب الرشوة المقنعة بالقانون بحسب المادة 58 من القانون الإنتخابي سنة 2017).
أمّا بحسب المادة 61 من القانون الانتخابي عام 2017 والتي عدلت سنة 2022 بسبب تدهور قيمة العملة اللبنانية، يحدد سقف الانفاق الانتخابي بـ750.000.000 (سبعة مئة وخمسون مليون ليرة) لكل مرشح كمبلغ ثابت و50000 الف كمبلغ متحرك عن كل ناخب في الدائرة الانتخابية الكبرى.
على سبيل المثال، في دائرة انتخابية كقضاء زحلة تبعد 60 كلم عن بيروت وتضم حوالي 180000 ناخب يكون سقف الانفاق الانتخابي للائحة مؤلفة من 7 مقاعد على الشكل التالي:
المبلغ الثابت: 7x 750.000.000 (سبع مئة وخمسين مليون ليرة) = 5.250.000.000 (خمسة مليارات ومئتان وخسمين مليون ليرة) أضف اليهم 750.000.000(سبعة مئة وخمسين مليون ليرة) لللائحة ليصبح مجموع المبلغ الثابت 6.000.000.000 (ستة مليارات ليرة)
اما المبلغ المتحرك الذي يحق لكل مرشح انفاقه يكون على الشكل التالي:
عدد الناخبين 180.000×50.000=9.000.000.000 (تسعة مليارات ليرة لكل مرشح) x 7 مرشحين=63.000.000.000 (ثلاثة وستون مليار ليرة)
ليصبح على الشكل التالي: مبلغ ثابت 6.000.000.000 (ستة مليارات ليرة) مضافة الى المبلغ المتحرك 63.000.000.000 (ستة وثلاثون مليار ليرة) ما مجموعه 69.000.000.000 (تسعة وستون مليار ليرة) أي ما يعادل 2.760.000 (مليونان وسبعة مئة وستون الف دولار اميركي ) كحد أقصى يمكن لمرشحي اللائحة الواحدة انفاقه خلال الحملة الانتخابية وصولا الى يوم الإقتراع.
هذا في الشكل، اما الواقع فهو مختلف كلياَ، حيث تتكلف اللوائح الحزبية المنظمة في يوم الانتخابات ما يقارب ثلاثة أرباع المبلغ المسموح لها بإنفاقه وهذه عيّنة عن تكلفة الانفاق المشرعة قانونياً تحت مسمى المندوبين ونقل الناخبين:
-تتحضر الماكينات الكبرى لتأمين أقله 20000 مقترعاً للائحتها من خلال تأمين بدل نقل ووجبة طعام بمعدل مليونان ليرة للمقترع الواحد اي ما مجموعه 40.000.000.000 (اربعون مليار ليرة)
-تأمين مندوبين بين ثابت ومتجول ومنخّب ما يقارب الـ 1000x 2.500.000 (مليونان ونصف) للمندوب كسعر وسطي + 500.000 الف ليرة اجرة نقل = 3.000.000 (ثلاثة ملايين ليرة) لكل مرشح x1000= 3.000.000.000 (ثلاثة مليارات ليرة)
كلفة المندوب الواحد بين لوازم المندوب (قرطاسية ومطبوعات + تشريج خليوي + طعام) أقله 400.000 ليرة لبنانية x 1000= 400.000.000 (اربعة مئة مليون ليرة )
لتصبح كلفة اليوم الإنتخابي للائحة الحزبية المنظمة على الشكل التالي:
نقل 40.000.000.000 (اربعون مليار) مندوبون 3.000.000.000 (ثلاثة مليارات) لوازم وطعام المندوب 400.000.000 (اربعة مئة مليون ليرة) اي ما مجموعه 43.400.000.000 (ثلاثة واربعون مليار وأربعة مئة مليون ليرة) من أصل 69 مليار انفاق كحد أقصى أي 63 بالمئة من الحد الاقصى المسموح به دون احتساب الخيم والاطعمة والمشروبات المقدمة ومصاريف المكاتب الانتخابية والاعلانات المنتشرة على الطرقات والبرامج التلفزيونية والنقل المباشر والحفلات والمهرجانات… وكل المصاريف المشروعة دون الدخول في تكلفة شراء الأصوات والمساعدات الخ…
بالخلاصة، من أموال التهريب والكبتاغون (غير الشرعية) الى أموال المغتربين (الشرعية حكماً) تندرج هذه الإنتخابات تحت تسمية “انتخابات المال والإعلان”، ولو ان الدولة تتكفل في هذا الظرف الإستثنائي بدفع نفقات الناخبين لكنا شهدنا على انتخابات ديمقراطية لا يطغى عليها الطابع المادي والرشاوى المقنّعة بدل المليارات التي أهدرت على الدعم “المهرب” في بلد تتحكم السلطة السياسية بكافة مفاصله وصولاً الى القوانين وعمليات التحايل على تطبيقها.
فهل يستجيب المجلس الدستوري للطعون المقدّمة، أقلّه من باب مساءلة الأحزاب الكبرى من أين أتت بكل هذه الأموال النقدية، في حين ان المصارف تشدّد الخناق على المودعين الصغار؟