في الغياب والحضور والمواقف: رسائل سعودية عبر افطار اليرزة!
الى جانب المواقف الواضحة التي اطلقها السفير السعودي وليد بخاري امس خلال الافطار الذي اقامه في دارته في اليرزة، والى جانب ما قالته السفيرتان الاميركية دوروثي شيا والفرنسية آن غريو ايضا، والتي جعلت المائدة هذه، من حيث “المضمون” محطةً فاصلة بين ما قبلها وما بعدها اذ أكد الكلام الذي قيل إن صفحة جديدة من الرعاية الخليجية – الدولية للبنان انطلقت مع عودة سفراء دول الخليج الى بيروت… كان هذا الافطار لافتا ايضا من حيث “الشكل”، وحمل رسائل كثيرة من خلال مَن حضروا ومَن غابوا عنه، بحسب ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية”.
فقد جمع السفير السعودي الى طاولته اهل الحكم في لبنان، لكن اللافت كان انه لم يوجّه الدعوة الى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون. وفي هذا الإحجام، دليلٌ واضح على ان القطيعة الخليجية مع العهد مستمرة طالما ان موقفه من حزب الله لم يتغيّر. على اي حال، حدد بخاري في عشاء السفارة، مَن هم أصدقاء المملكة في لبنان ومن هي القوى التي ستتعاطى معها في المرحلة المقبلة. فهو استضاف في اليرزة، الشخصيات التي كانت أو لا تزال في سدة الحكم والتي ترفض اعتداءات الحزب على الرياض وقياداتها، فكان أن غاب كلّ أهل الفريق الممانع من التيار الوطني الحر الى تيار المردة، غير ان الدعوة وجهت الى رئيس مجلس النواب نبيه بري في خطوة سعودية بارزة ايضا، ارادت من خلالها المملكة التمييز بين الحزب من جهة وبري الاكثر مرونة والمتمسك بأفضل العلاقات مع الخليج، من جهة اخرى. غير ان بري أوفد الوزير عباس الحاج حسن لتمثيله ولم يحضر شخصيا.
الى ذلك، بدا وفق المصادر ان السفير السعودي تعمّد جمع اهل الفريق “السيادي” في لبنان على طاولة واحدة، عشية الانتخابات. فصحيح ان صفهم مشتت ولوائحهم غير موحدة في كل المناطق، الا ان بخاري اراد كسر الجليد بينهم والتمهيد لتعاون اكبر حيث لا يزال التعاون الانتخابي ممكنا، والا فإن المنافسة “الشريفة” لا تفسد في الود قضية، طالما ان المشروع والهدف بعد وصولهم الى الندوة البرلمانية، واحد وواضح.
اخيرا، تبين من خلال حركة البخاري منذ عودته الى بيروت في الساعات الماضية، والتي لم تهدأ بعد، أن الرجل يريد استنهاض الشارع السني، وإفهامَه ان لا يمكن اخلاء الساحة لحزب الله وايران في الانتخابات. فصحيح ان الرئيس سعد الحريري علّق عمله السياسي الا ان ذلك لا يعني ان الخمول او الاستسلام امام الفريق الآخر مسموح. فالبدائل موجودة، ومنها مثلا اللوائح المدعومة من الرئيس فؤاد السنيورة الذي أفيد ان البخاري اتصل به فور عودته الى بيروت. على اي حال، تشير المصادر الى ان مساعي البخاري لتحفيز الناخب السني ستتكثف في قابل الايام وستتخذ اشكالا مختلفة من جولات في المناطق وافطارات الى لقاءات على الارض، بالتعاون مع مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان.
المركزية