من اليمن إلى لبنان: “انقلاب” رقعة الشطرنج حلفاءً ومحاورَ
دخلت المنطقة، ومن ضمنها لبنان، في مرحلة جديدة، يمكن وصفها بأنها مرحلة تجميع العسكر من قبل القوى الإقليمية. عملياً، فإن المسار الواضح كان قد بدأ من اليمن، بخطوات تمثّل انقلاباً نفذته المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات لأول مرة منذ العام 2015، قضى بتجميع قوى الجنوب والشمال، وآل صالح مع آل الأحمر والقبائل وحزب الإصلاح، الذي يُعتبر تنظيم الأخوان المسلمين، وذلك في إطار تشكيل مجلس رئاسي جديد، بعد التخلي عن عبد ربه منصور هادي. هي خطوة نوعية من شأنها أن تنعكس على الوقائع السياسية هناك، من خلال قيام هذا المجلس بتشكيل عناصر التوازن السياسي في مواجهة الحوثيين. ولا يمكن إغفال تقاطع المصالح السعودية الإماراتية التركية في اليمن. إذ سارعت تركيا إلى الترحيب بهذه الخطوة، فيما كل المعلومات أصبحت تؤكد بأن زيارة أردوغان إلى السعودية ستكون في عيد الفطر، وسيصلي إلى جانب الملك سلمان وولي عهده. وهي زيارة سيتم البحث فيها في تعزيز التعاون السياسي والعسكري.
“نفضة” للحلفاء
لم يكن ما جرى في اليمن بالأمر اليتيم، بل يقابله تحرك واضح في العراق، على أن تظهر ملامحه في المرحلة المقبلة. وهذا ما كان واضحاً في سوريا أيضاً، من خلال عملية تغيير كبيرة في المجلس الوطني السوري، وفق تقاطع مصالح وتفاهمات جديدة بين السعوديين والأتراك، أدت إلى حصول تعديلات في النظام الداخلي وإسقاط عضوية شخصيات مقابل الاستعاضة عنها بشخصيات أخرى. وهذا ما يجوز مراقبته في لبنان أيضاً. إذ أنه بعد إزاحة السعودية للرئيس سعد الحريري عن المشهد السياسي، لا بد من انتظار ما ستفرزه المرحلة المقبلة، خصوصاً أن عودة السفير السعودي إلى لبنان، تأتي في سياق استعادة إثبات الحضور والدور والتأثير، ومواكبة كل التطورات الحاصلة من دون إغفالها أو إدارة الظهر لها، وسط معلومات تؤكد أنه سيكون هناك تحرك سعودي واضح على خط الانتخابات النيابية. ولكن التركيز سيكون لمرحلة ما بعد الانتخابات حيث أيضاً ستكون الساحة اللبنانية بحاجة إلى “نفضة” في أوساط حلفاء السعودية والذهاب إلى عملية إعادة تجميع وانضواء.
إفطار نصرالله
في المقابل، يعمل حزب الله على تجميع قواه وعسكره، ويتجلى ذلك من خلال الإفطار الذي نظمه أمين عام الحزب، السيد حسن نصر الله، جمع فيه جبران باسيل وسليمان فرنجية. وكأن حزب الله يعمل على وضع خريطة طريق لرص صفوفه أولاً، والاستعداد لتداعيات ما بعد الانتخابات النيابية، وكيفية إدارة العملية السياسية. وكان حزب الله يسعى منذ فترة إلى ترتيب العلاقة بين حليفيه اللدودين. ولم تنجح كل المحاولات في جمع الطرفين انتخابياً. لكنه يسعى إلى إعادة توحيد أبناء الخطّ الواحد لمرحلة ما بعد الانتخابات. خصوصاً في ظل حركة خليجية عربية لافتة للعودة إلى الساحة اللبنانية، وتجميع القوى المتحالفة معها، فيما رهان حزب الله دوماً هو على توحيد صفوف حلفائه والاستثمار في تشتت خصومه وافتراقهم حول الخطوط السياسية العريضة، والخطوط التفصيلية، والحسابات الضيقة.