عودة البخاري: من الرابح ومن الخاسر؟
كتب أحمد عياش في “النهار”: بعد مرور أكثر من خمسة أشهر على القطيعة الديبلوماسية بين لبنان ومعظم دول الخليج العربي عموما، والسعودية خصوصا، يعود سفير المملكة وليد البخاري الى بيروت، وكذلك يعود سفير دولة الكويت عبد العال القناعي. وفيما إعتبر حلفاء المملكة هذه العودة ، ما يشبه عودة السنونو الذي يبشر بقدوم الربيع، بدا الخصوم الذين يتزعمهم “حزب الله”، منقسما بين حالة صمت وبين إبداء الارتياب لهذه العودة التي تسبق موعد إجراء الانتخابات النيابية باسابيع.
من المهم الإشارة الى ان عودة السفيريّن السعودي والكويتي الى لبنان، تأتي غداة تطور مهم في مسار الحرب اليمنية ونجاح التوصل الى هدنة توقف هذه الحرب لمدة شهرين قابلة للتمديد. في حين ان مغادرتهما بيروت مع عدد من زملائهم الخليجيين بعد 25 تشرين الأول الماضي، كانت بسبب تصريحات سابقة لوزير الإعلام ، جورج قرداحي، حول حرب اليمن، ما أثار غضبا سعوديا كبيرا واستدعاء سفراء لبنان في دول خليجية عدة للتعبير عن الاحتجاج.
كذلك من المهم، قراءة ما ورد البيان الذي صدر مساء الخميس الماضي عن وزارة الخارجية السعودية، وفيه ان عودة السفير البخاري تأتي “استجابةً لنداءات ومناشدات القوى السياسية الوطنية المعتدلة في لبنان، وتأكيدًا لما ذكره رئيس الوزراء اللبناني من التزام الحكومة اللبنانية باتخاذ الإجراءات اللازمة والمطلوبة لتعزيز التعاون مع المملكة ودول مجلس التعاون الخليجي ووقف كل الأنشطة السياسية والعسكرية والأمنية التي تمس المملكة ودول مجلس التعاون الخليجي.”
إذن، العودة الخليجية عموما والسعودية خصوصا، جاءت نتيجة مسار ينتهي بالتزام من لبنان ب”وقف كل الأنشطة السياسية والعسكرية والأمنية التي تمس المملكة ودول مجلس التعاون الخليجي.” فهل هذا الالتزام قابل للتحقق؟
لا يمكن تقديم جواب حاسم على هذا السؤال، بإعتبار ان الامر يتعلق ب”حزب الله” الذي له تاريخ طويل من الممارسات المتقلبة التي تنقله من ضفة الى أخرى تبعا لمقتضيات السياسة الخارجية الإيرانية. وحتى هذه اللحظة يبدو ان موقف الحزب منسجم مع موقف أعلنه من بيروت وزير الخارجية الإيرانية حسين أمير عبد اللهيان في 24 آذار الماضي ، فقال أّنّ “الهدف من التقارب الإيراني-السعودي هو لمصلحة المنطقة لما يعكسه من ارتياح فيها.”
في البيان الأخير الذي أصدرته كتلة “الوفاء للمقاومة” أي كتلة “حزب الله” النيابية ، ربطت “مسار التهدئة ” بالحرب الأوكرانية والاتفاق النووي وعودة النظام السوري الى الجامعة العربية ، ما يعني ان “مسار التهدئة” مرتبط بمسائل معقّدة لا ضمانة حتى الان انها ستتحقق، بما فيها الاتفاق النووي الذي يبدو انه يجتاز هذه الايام حقل الغام الشروط والمطالب.
في المقابل، كان التعليق الأول للسفير السعودي بعد إعلان عودته الى لبنان، هو نشر البخاري صورة تجمع علميّ لبنان والسعودية عبر حسابه على “إنستغرام.”
بالعودة الى عنوان المقال “عودة البخاري: من الرابح ومن الخاسر؟” ، الجواب هو ان الرابح هو من يضع مصلحة لبنان أولا. أما الخاسر ، وبكل تأكيد ، هو من يضع مصلحة إيران أولا.