ماذا عن تعويضات الموظفين ومرتّباتهم؟
تستكمل وزارة الداخلية والبلديات الاجراءات اللوجستية الهادفة إلى إجراء استحقاق الانتخابات النيابية في موعدها المقرّر بأيار 2022. وهي قطعت الشوط الأكبر في تأمين المتطلبات اللوجستية على طريقة “المهمّة المكتملة”، في وقت يصبّ الاهتمام الراهن على الاحتكام إلى استراتيجية مضمونة في سبيل تأمين التيار الكهربائي يوم الانتخابات عبر تقنية تعتمد التعاون مع البلديات واستخدام مولدات كهربائية خاصة بالوزارة. ويتمثّل المعطى الأول المشجّع على الاتجاه نحو إجراء الانتخابات النيابية في موعدها المقرّر في أيار المقبل، بنجاح وزير الداخلية بسام المولوي مع إقرار الاعتمادات التي يريدها لإجراء الاستحقاق النيابي في موعده المقرّر مع منح جزء من الاعتمادات التي كان طلبها في مجلس الوزراء وتحويل جزء منها إلى مجلس النواب الذي أقرها أمس، إضافة إلى إقرار الجزء من الاعتمادات المتعلّق بالاغتراب والذي أقره مجلس النواب. وتطرح أسئلة حول كيفية القدرة على ترجمة إنجاز انتخابات 2022 بربع نفقات الاستحقاق الماضي التي بلغت 54 مليون دولار، بعدما اقترح وزير الداخلية هذه النسبة من المبلغ.
وتشير معطيات “النهار” التي تعبّر عنها مصادر مواكبة عن كثب للحراك الانتخابي، إلى أن اقتراح هذه النسبة من المبلغ أتت على أثر دراسة كان أجراها وزير الداخلية في ما يخصّ النفقات التي يحتاجها بما يشمل أجور العاملين، في وقت تلفت المعلومات إلى أنه سيعتمد صيغة أجور قائمة على منح مرتّب تبلغ قيمته ثلاثة أضعاف مقارنةً مع الاستحقاق الانتخابي الماضي نظراً للأوضاع الاقتصادية الراهنة والحاجة إلى المزيد من التكاليف بما يشمل كلفة التنقلات. كما سيتم من خلال هذا المبلغ دفع مكافآت للأجهزة الأمنية التي ستشرف على انجاز الانتخابات. إلى ذلك، تأمنت مجموعة هبات من شأنها خفض تكاليف الاستحقاق لوجستياً. وتأكد تأمين الحبر الانتخابي الذي أصبح متوافراً في مستودعات وزارة الداخلية بهبة مقدّمة من برنامج الأمم المتحدة الانمائي. كما تأمنت العوازل الانتخابية من خلال هبة هادفة إلى إجراء الانتخابات في موعدها. كما تشير المصادر الى اجتماع عقد بين الوزير المولوي ورئيسة تحرير “النهار” نايلة تويني، حيث قدّمت محصّلة المساعدات المنبثقة من مبادرة العدد الانتخابي التي أطلقتها كخطوة هادفة إلى دعم إجراء استحقاق الانتخابات في موعده. وتسلّمت الوزارة 42 صندوقاً من أوراق A4، كترجمة للمبادرة في هذا الإطار.
وتؤكد المعطيات التي تنقلها المصادر المواكبة أن وزارة الداخلية باتت جاهزة لوجستياً لإجراء الاستحقاق الانتخابي في موعده. وتلفت المعلومات إلى أنّ المولوي يعمل الآن على البحث عن حلول غايتها تأمين توليد الكهرباء في مراكز الاقتراع لاستكمال ما تبقى من اجراءات لوجستية. وهي تبقى الخطوة التي تحتاج الى بلورة حلّ في سبيلها. وقد عقد اجتماع سابق لهذه الغاية بين المولوي ومدير مؤسسة كهرباء لبنان للبحث في صيغة مناسبة لتأمين الكهرباء. وكانت الإجابة أن العملية ستكون مكلفة جداً في حال الاعتماد على التغذية من المؤسسة. وبحسب المعطيات، أن قرار وزير الداخلية المضي في مقاربة قائمة على إمكان تأمين الكهرباء عبر المولّدات، تبعه عقد اجتماعٍ مع المحافظين والقائمقامين للبحث في إمكان اعتماد هذه الصيغة. ويتجه الى عقد اجتماع آخر معهم للاطلاع على أوضاع أقلام الاقتراع ودراسة كيفية تأمين الكهرباء من خلال المولدات؛ مع الاشارة إلى أن مهمة تأمين التيار الكهربائي غير ملقاة على عاتق وزارة الداخلية، بل كان لا بدّ أن تتولاها وزارة الطاقة، لكن التدخل أتى من المولوي شخصياً لتذليل ما تبقى من عقبات في وجه الانتخابات مع الأمل بالوصول إلى حلّ سريع في هذا الشأن.
ومن جهتها، تقلّل أوساط مواكبة للاستحقاق الانتخابي النيابي 2018 من إمكان مقارنة النفقات الانتخابية مع استحقاق 2022 . ويأتي ذلك لجملة أسباب تستعرضها عبر “النهار”، كالآتي: شملت كلفة الانتخابات الماضية شراء تجهيزات بما يشمل حواسيب وتلفزيونات وبرنامج الربط الانتخابي. وهي في كليتها أدوات تقنية يستمرّ استعمالها في الاستحقاق المقبل. ولا حاجة إلى شرائها مرّة جديدة، بالاضافة إلى فائض بقي من أوراق انتخابية وحبر. وتطرح الأوساط علامات استفهام حول مدى إمكان المقارنة بالدولار بين كلفة انتخابات على سعر صرف 1515 ليرة، بما يشمل مرتّبات وظيفية ونفقات انتخابية وفق سعر يراوح ما بين 20 و25 ألف ليرة. وتتساءل: بأيّ وجه يمكن مقارنة كلفة إجراء الانتخابات بين الاستحقاقين، من دون تبديل في تعويضات الموظفين ومرتّباتهم بالنسبة نفسها التي ارتفع فيها سعر صرف الدولار بين الاستحقاقين؟ وتؤكّد أنّ المقارنة يمكن أن تجوز بين استحقاقي 2022 و2026، وليس مع استحقاق 2018 الذي أجريت فيه الانتخابات على قانون جديد تطلب مستلزمات اضافية لأول مرّة. أما في حال اعتمدت معايير جديدة في انتخابات 2026 لناحية استعمال البطاقة الممغنطة وتقنية “الميغاسنتر”، فعندئذ لا تجوز المقارنة بين الاستحقاقين. وتشير إلى أن الاتهامات بالفساد التي لاحت في توقيت استحقاق 2018، أتت في إطار حملة انتخابية موجهة ضدّ تيار “المستقبل” والوزير السابق نهاد المشنوق يومذاك، لكنها لم تلبث أن تبدّدت في مراحل لاحقة بما يؤكد عدم صحتها.
ومن منظار مراقب لمسار العملية الانتخابية المقبلة، يستقرئ الوزير السابق زياد بارود أن الكلفة الانتخابية التي أشار إليها الوزير المولوي منطقية مقارناً المعطى مع استحقاق انتخابات 2009 بحيث تمثل المبلغ الذي رصد للانتخابات بـ14 مليون ونصف مليون دولار يومذاك، في ظلّ هبات ومساعدات قدّمت من الاتحاد الأوروبي وبرنامج الأمم المتحدة الانمائي، بما ساهم في عدم انفاق جزء مهم من المبلغ الذي تم رصده. ويترتّب من خلال القانون الانتخابي الجديد مبلغاً إضافياً من التكاليف التي تشمل الأوراق المطبوعة سلفاً، لكن لا يمكن اعتبارها كلفة إضافية كبيرة. ويشير إلى أن “النفقات الانتخابية للاستحقاقات الماضية، يفترض أنها خضعت للأصول القانونية”. ويقول بارود لـ”النهار” إنه “يمكن خفض كلفة النفقات الانتخابية. وأنا إلى جانب الوزير المولوي في هذا الإجراء. ويُعتبر الرقم الذي طرحه منطقياً لجهة كلفة انتخابية مقدّرة بحوالي 14 مليون دولار، باعتباره مبلغاً يعبّر عن كلام منطقيّ في ظلّ أكثر من 7 آلاف قلم اقتراع”، لافتاً إلى أن “تعويضات رؤساء الأقلام والكتبة والقضاة سوف تزداد في الاستحقاق الانتخابي المقبل وسط الوضع الاقتصادي، بعدما كانت مستحقات عدد من الموظفين تبلغ 550 ألف ليرة. وهو مبلغ لا يكفي حالياً للتنقل والوصول إلى مركز الاقتراع. كما أنّ عدداً من الآليات والخدمات، تحتسب قيمة شرائها بالدولار”.