أسعار الخضار للـ”VIP”.. أين “طعام الفقراء”؟
جاء في “المركزية”:
جاءت الأزمة الأوكرانية لتضرب الاقتصاد العالمي، مؤثرّةً على سلسلة الاستيراد وعلى أسعار السلع والمواد الأساسية بشكل كبير، لا بل على إمكانية توفّرها من الأساس، خصوصاً وان أوكرانيا وروسيا من البلدان الأساسية المصدّرة للحاجيات الحيوية، ما دفع بالعديد من الدول إلى اتخاذ إجراءات احترازية خوفاً على أمنها الغذائي. اما قرار مجلس الوزراء اللبناني بمنع تصدير السلع الغذائية بأشكالها الأولية والمصنّعة فليس ذا فائدة وازنة، خصوصاً وأن لبنان ليس بلدا صناعيا ولا يمكنه تحقيق الاكتفاء الذاتي من إنتاجه المحدود والمعتمد بشكل اساسي على مواد أولية مستوردة، مثل القطاع الزراعي حيث باتت اسعار المنتجات الزراعية “نار وكوى”، والمواطن تخلّى عن اللحوم والاصناف الغذائية الفاخرة متّجهاً إلى الأدنى سعراً، لكن هل من سعر متدن بعد؟ حتى ما كان يسمى بـ “طعام الفقراء”، وأساسه الخبز بات خارج قدرتهم الشرائية وهم موعودون بالمزيد وبارتفاع مستمر في اسعار الخبز، باقرار المعنيين في القطاع.
وفي حين يستبعد الخبراء التّوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي قريباً لضخّ الدولارات “الإنقاذية”، متوقعين أن الخروج من النفق المظلم الذي يمرّ فيه لبنان يتطلب أقله خمس سنوات، هذا في حال تمّ التعامل بجدّية مع الوضع اللبناني، تبقى الحكومة اللبنانية في وضعية اللامبالاة والاستهتار فلا تتخذ أية إجراءات صارمة وجدية تحدّ من التدهور الحاصل، خصوصاً ان جشع التجار متروك من دون رقيب ولا حسيب، وسط تدهور الاوضاع المعيشية في شكل دراماتيكي، يهدد بانفجار اجتماعي جدّي في حال وصل المواطنون إلى مرحلة يعجزون فيها عن تأمين الحدّ الأدنى من الغذاء. فإلى متى يمكن أن تستمر هذه الأزمة؟ وهل تزداد الأوضاع تدهوراً؟
الخبير الاقتصادي الدكتور لويس حبيقة يوضح لـ “المركزية” أن “لا يمكن التوقع بالحدّ الممكن أن تصل إليه الأزمة وقد تستمر الأمور بالتراجع وصولا إلى أسوأ الأحوال”، لافتاً إلى أن “ذلك يتوقف على العوامل المؤثّرة على البلد أي قضايا السلع وتوفّرها، والاستيراد في ظلّ الحرب، والإنتاج المحلي. في الواقع لا يتم التحكّم بالسعر بل على العكس الأسعار هي التي تتحكم بنا، وبالتالي ليس علينا سوى الانتظار ريثما تتحسن الأوضاع دولياً، خصوصاً وأن اوكرانيا وروسيا تصدّران نسبة كبيرة من القمح والحبوب والغاز والبترول ولا يمكن السيطرة عليها”.
وعمّا إذا كانت الأسعار مبالغا فيها في لبنان، يؤكّد أن “التاجر يستغلّ طبعاً الأوضاع، لكن أحياناً لا يعرف أي سعر يمكنه ان يعتمد إذ إن الأسعار تتبدل في غضون ساعات محدودة، فيقرر تحديد سعر مرتفع من الأساس على اعتبار أنه من الصعب أحياناً ملاحقة الاسعار، مع العلم أن ذلك القرار ليس صحيحا”.
وفي ظلّ تراخي الحكومة عن القيام بواجباتها ووقف الاستنزاف، يرى حبيقة أن “المطلوب، على الأقل، فرض رقابة جدية على الجودة والأسعار مع إنزال عقوبات صارمة في حق المخالفين وهذا الشرط أساسي كي يكون رادعا لأن التجار لا يخافون من الدولة وهنا دور العقوبات. كذلك، يجب تنويع الاستيراد حتى ولو لم يكن سهلا في ظل هذه الظروف. المطلوب أن تكون عين الدولة ساهرة أكثر وبفعالية على أوضاع مواطنيها”.
الخضار والفاكهة: أما عن أسباب ارتفاع أسعار المنتجات الزراعية التي تشكّل البديل الغذائي الأرخص وسط عجز عدد كبير من اللبنانيين عن شراء أصناف غذائية أخرى مثل اللحوم، فيشير رئيس تجمع المزارعين والفلاحين في البقاع ابراهيم ترشيشي لـ”المركزية” إلى أن “نقص البضائع في الأسواق يسبب ارتفاع أسعارها والسبب يعود إلى العواصف التي تعرّضت لها البيوت البلاستيكية على الساحلين اللبناني والسوري، ما جعل قسما كبيرا من المزروعات فيها يحتاج إلى إعادة زرعه ثلاث مرّات، حتى النبتة التي لم تتعرض لأي ضرر لا تثمر في درجات حرارة متدنية”.
ويضيف: “عدد قليل جدّاً من المزارعين يدفئون البيوت البلاستيكية مثل المنازل لرفع درجات الحرارة فيها، ما يسمح لهم بقطف الثمار”.
وبالنسبة إلى توقعات الأسعار في الشهر المقبل، يبشّر ترشيشي أن “كلّما ارتفعت درجات الحرارة تراجعت الاسعار، وحسب التوقعات المناخية يبدو أن درجات الحرارة سترتفع يومياً خلال الأيام المقبلة ما يعني زيادة نسب الإنتاج”، مؤكّداً أن “بعد 15 نيسان لن تبقى هذه الأسعار الاستفزازية، لأن الإنتاج حالياً مقتصر على السهول الساحلية وسيشمل في المدى القريب السهول الداخلية اي منطقة القاع والهرمل والبقاع عموماً ما يزيد كميات الفول والبازيلاء والخسّ والخيار والكوسى…”.