إقتصاداهم الاخبارمحليات

“غير بريئة”.. أي رابط بين “تطويق” المصارف وانتخابات أيار؟!

لا تزال “المواجهة” المصرفية – القضائية في صدارة الاهتمامات في الداخل، رغم نجاح الحكومة بشكل أو بآخر، في “الحدّ” من تداعياتها المحتملة، من خلال الجلسة الاستثنائية التي عقدتها السبت في السراي الحكومي، والتي رغم أنّها لم تخرج بقرارات “حاسمة”، وفق ما رأى البعض، إلا أنها “أكدت المؤكد” لجهة آلية التعاطي القضائي مع المصارف، وهو ما تجلى في كلام الرئيس نجيب ميقاتي قبل الجلسة وبعدها

لكنّ ذيول هذه “المواجهة” تبقى مفتوحة أمام الكثير من “السيناريوهات”، وسط حديث عن “انقسام” حتى داخل الحكومة في مقاربتها، بين فريق يمثّله “التيار الوطني الحر” تحديدًا، يبدو مؤيّدًا بشدّة للذهاب حتى النهاية في “المعركة” ضد النظام المصرفي، بمعزل عن كل التبعات، وفريق آخر يدعو إلى مقاربة أكثر “واقعية”، بالنظر إلى طبيعة الوضع القائم وحساسيّته، فضلاً عن الاستحقاقات الداهمة المرتقبة.

وفي هذا السياق، لفت الانتباه “إقحام” الانتخابات النيابية المقرّرة في الخامس عشر من أيار المقبل في خضمّ السجال، في ظلّ اتهامات بسعي بعض القوى إلى تعميم “الفوضى” المصرفية، من أجل “تطييرها” بالمُطلَق، أو “تأجيلها” بالحدّ الأدنى، وذلك بعدما فشلت كلّ محاولات إلغاء الاستحقاق التي “استُنفِدت” على مدى الأشهر الماضية، سواء على المستوى الأمني، أو اللوجستي، أو حتى التقني المرتبط بقانون الانتخاب

“مخاطر” المواجهة

إذا كان البعض يضع “المواجهة” بين جزء من القضاء والمصارف، في إطار “الشعبوية” التي تلجأ إليها بعض الأحزاب قبل الانتخابات، لاستقطاب الشارع، ودغدغة مشاعره، فإنّ البعض الآخر يتحدّث عن “سيناريو جهنمي” يريد البعض أن تقود هذه المواجهة إليه، بما يفضي إلى “تطيير” الاستحقاق بصورة بديهية، نتيجة لبعض “التعقيدات” التي قد تطرأ عن أيّ “فوضى” يمكن أن تنشأ في القطاع المصرفي.

في هذا السياق، ثمّة من يشير إلى “إشكالية حقيقية” يمكن أن تقود إليها مثل هذه “الفوضى” على المستوى القانوني المرتبط بالاستحقاق الانتخابي، خصوصًا أنّ قانون الانتخابات المعقّد يتطلب مشاركة “بنّاءة” من القطاع المصرفي، وبالتالي فإنّ جرّه إلى “الإضراب” سيضع المرشحين في “مأزق فعلي”، خصوصًا أنّ القانون يشترط أن تتمّ معظم الدفعات والنفقات لا من خلال حساب مصرفي تمّ فتحه فحسب، ولكن من خلال “شيكات” تتطلب “إنتاجيّة” القطاع.

أما “الإشكالية” الأخرى، والتي قد تكون أكثر خطورة وتعقيدًا، فتتمثّل بـ”الانفجار الاجتماعي” الذي يمكن أن تقوده “الفوضى” في القطاع المصرفي، بحيث يُحرَم المواطنون، الذين احتُجِزت ودائعهم أساسًا، حتى من قبض رواتبهم ومعاشاتهم، التي ما عادت أصلاً تكفيهم، وهذا من شأنه أن يؤدي إلى احتجاجات لا أحد يمكن أن يتكهّن بمصيرها، خصوصًا إذا ما وُجِد “الطابور الخامس” الباحث عن “مَخرَج” مناسب لتأجيل الانتخابات وإلغائها.

آراء “متباينة”

إلى الآن، وحتى إشعار آخر، يبدو أنّ هذا السيناريو لا يزال “بعيد المنال”، إذ إنّ كلّ الجهات المعنيّة تقول إنّ هذه القضية سيكون مصيرها مشابهًا لمصير كلّ “الألغام” التي وُضِعت على طريق الانتخابات، منذ أسابيع طويلة، خصوصًا أنّ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي “استنفر” لمواجهتها، على مسؤوليته الشخصية، وهو يصرّ على إجراء الانتخابات في موعدها، تمامًا كما يرفض جرّ البلاد إلى “معركة” لن يكون المودعون مستفيدين منها بالمُطلَق، خلافًا لما يروَّج.

أما “التيار الوطني الحر”، المتهَم بالوقوف وراء هذا “السيناريو”، فينفيه جملةً وتفصيلاً، ويستغرب وضعه في قفص الاتهام، مرّة أخرى، وكأنّه يسعى لتطيير الانتخابات، في حين أنّ الواقع “مناقض” لذلك، وفق أوساطه، التي تؤكد أنّ “التيار” يريد الانتخابات اليوم قبل الغد، لعلّها تضع حدًا لكمّ “الإشاعات” التي لا تنتهي، والتي تصوّره وكأنّه بات “لقيطًا”، بلا أيّ حيثية شعبية، وهو ما يبدو واثقًا أنّ نتائج الاستحقاق المقبل ستدحضه.

أما موقفه المؤيد للحراك القضائي ضدّ المصارف، فرغم توصيفه بـ”الشعبوي”، إلا أنّ “التيار” يعتبره أكثر من “بديهي”، خصوصًا أنّه “منسجم” مع ما كان يعبّر عنه منذ بداية الأزمة، لناحية تحميل حاكم مصرف لبنان شخصيًا المسؤولية عن وصول الأمور إلى ما وصلت إليه، وهو يرفض بأيّ شكل من الأشكال ما يقول إنّها “محاولة المنظومة السياسية لحماية المنظومة المالية”، وذلك من خلال “فرملة” القضاء، الذي يتمتع بسلطة “مستقلة” لا نقاش حولها.

يقول البعض إنّ “الحملة” على المصارف، وصولاً إلى “تطويقها”، لا يمكن أن تكون “بريئة”. برأي هؤلاء، فإنّ الجانب الظاهر من هذه “الحملة” قد يكون “شعبويًا” لزيادة “الاستقطاب” قبيل الانتخابات، لكنّ الجانب “المخفيّ” قد يكون أكثر خطورة، ويتعلق بـ”سيناريو” لتطيير الانتخابات برمّتها. الأكيد أنّ الحكومة ممثَّلةً برئيسها “فرملت” هذا السيناريو، إن وُجِد، لكن السؤال يبقى: هل “يستسلم” الراغبون بالمواجهة فعلاً؟!

لبنان 24

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى