بين لعبة المال والكاش.. شفافية الانتخابات على المحك وعين الداخل والخارج تراقب
كتبت ماريان طوق في “السياسة”:
بكلمات صريحة وواضحة يكشف الغرب وكبار الشخصيات عن الشكوك التي تعتريهم تجاه شفافية الانتخابات اللّبنانية، بعدما انتظروا وطالبوا بهذا الاستحقاق منذ انتفاضة 17 تشرين.
وفي زيارته الأخيرة، أعلن الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط استعداد الجامعة لإيفاد فريق لمراقبة هذه الانتخابات، كما من المرتقب وصول بعثة من الاتحاد الأوروبي في أواخر الشهر الحالي من أجل المهمة ذاتها.
منذ العام 2008 ومع القانون 25\2008، أي قانون الانتخابات حينها، أصبحت مسألة مراقبة الانتخابات منظمة في القانون ولم تعد تخضع لاستنساب الحكومة لجهة موافقتها أو رفضها لذلك، بحسب ما يؤكّد وزير الداخلية الأسبق زياد بارود.
شارحًا أنّه باتت هناك معايير موضوعية مذكورة في القانون نفسه وأُعيد تكريسها في القانون 44\2017. حيث أنّ بعثات المراقبة سواء كانت لمنظمات دولية أو للمجتمع المدني أي محلية، كلّها باتت منظمة في القانون وتخضع لمعايير محددة.
ولكن بارود وفي حديثه لـ”السياسة”، يلفت إلى أنّ عملية المراقبة في الواقع لا تقتصر على يوم الانتخابات على الرغم من أهميته. ولكن يجب أن تشمل كل العملية الانتخابية والتي تبدأ منذ ما قبل فتح باب الترشيح حتى أنّها يجب أن تبدأ بالقانون. وهنا يسأل “هل يضمن القانون تأمين أعلى درجات الديموقراطية وشفافية العملية الانتخابية أم لا؟”.
وفي السياق، يلفت إلى أنّ المنظمات الدولية طبعًا لا تتدخل في القانون لأنه يخضع لسيادة الدولة، ولكنّها غالبًا ما تعطي رأيها في تقاريرها النهائية حول القانون ليس من باب التدخل بالتشريع وإنما من حيث قراءته إن كان يتناسب أو لا مع المعايير الدولية المعتمدة في الانتخابات.
ومع تشديده على ضرورة أن تكون المراقبة أوسع، يشير بارود إلى أنّ هذه الخطوة يجب أن تشمل الترشيح أي إن كان متاحًا للجميع أو وُجدت معوقات أمام الراغبين بالترشح، وكذلك عليها أن تشمل عملية تشكيل اللّوائح.
وأهم ما يحتاج للمراقبة بحسب بارود هو المال الانتخابي والذي قد نص القانون عليه، بالإضافة إلى مراقبة الإعلام وكيفية تعاطيه مع العملية الانتخابية، وكذلك الضغوطات التي قد يتعرض لها المرشحون والناخبون على حدّ سواء.
وبالتالي يختصر بارود مفهوم المراقبة بتأكيده على أنّها لا تقتصر على يوم الانتخابات فقط بل أيضًا تتعداه لتضمّ فترة الحملة الانتخابية بأكملها، ومن المفترض أن ترافق يوم الانتخابات بشكل حثيث، ولا تنتهي إلّا بعد إعلان النتائج وربما صدور قرارات المجلس الدستوري إذ سُجلت أي طعون.
داخليًا وخارجيًا، الجميع ينتظر انتخابات شفافة تُحدث التغيير المُنتظر وتكون قادرة على تغيير الواقع المظلم الذي رافق اللّبنانيين لسنوات وجعل الوجوه نفسها تتحكم بمصيرهم.
إلا أنّ بارود يرى أنّه طالما المال الانتخابي على ما هو عليه أي “غير مضبوط”، وطالما السرية المصرفية ما زالت قائمة على حسابات المرشحين وطالما “الكاش” الانتخابي يفعل فعله وطالما ما زال بعض المرشحين يشترون همم الناخبين تحت ستار المساعدات الاجتماعية، فالشفافية لن تكون العنوان.
هذه كلها عناصر لا تُطمئن ولا تدعو الى الاعتقاد بأنه سيكون هناك شفافية كاملة على مستوى العملية الانتخابية بالنسبة لبارود، الذي يعتبر أنّ الشقّ المالي هو العنوان الأبرز الذي قد يحدّ من حرية الناخب ولذلك يرتكز عليه في تعداد الأسباب المانعة لانتخابات شفافة.
ولكن، هذا ليس السبب الوحيد، إذ يلفت إلى أنّ غياب هيئة مستقلة للانتخابات يؤثر أيضًا، لأن هيئة الإشراف ما زالت لا تتمتع بالصلاحيات الكافية وهذا ما كانت قد أكّدته في تقاريرها السابقة.
وعلى الرّغم من كل السلبيات المحيطة بهذا الاستحقاق، تظهر نفحة ايجابية في حديث بارود الذي يشدّد على أنّ إجراء الانتخابات بحد ذاته هو أمر مطلوب وضروري، فرغم القانون ومساوئه ورغم المال الانتخابي، هناك شريحة حرّة تتخطى العامل المالي وتصل إلى خيارات حرّة.