إقتصادإنتخابات 2022اهم الاخبارمحليات

الأحزاب تبحث عن رجال أعمال

فرضت الاوضاع المالية الصعبة التي يعيشها لبنان واقعاً جديداً على الاحزاب السياسية ودفعتها الى التعامل بحذر مع الاستحقاق النيابي، خصوصاً لناحية اختيار “المرشح المليء” أو المتمول القادر على إدارة حملته الانتخابية، والمساهمة بالـ “فريش” لصناديق الاحزاب التي تعاني من نقص في التمويل الخارجي أو من الحصار نتيجة العقوبات التي فرضت على بعض قياداتها ورجال الأعمال التابعين لها.

جرت العادة في الاستحقاقات الماضية أن يساهم المرشح الحزبي، لا سيما من رجال الاعمال الذين يسعون الى الفوز بالمقعد النيابي، بمبالغ مالية شهرية تعود الى الصندوق الحزبي من خلال الدعم المباشر للحزب مركزياً او دعم المراكز الحزبية في المناطق عبر المشاركة في النشاطات الاجتماعية والثقافية والسياسية. “بعض الاحزاب اعتمد العشاء السنوي وفرض على كل نائب أو طامح لهذا المقعد دفع مبالغ مالية تفوق المئة ألف دولار على الطاولة التي يحجزها وتتفاوت الاسعار بحسب قرب طاولة المرشح من طاولة رئيس حزبه”.

هذه العادة التي درجت على مدى سنوات قضت عليها الازمة الاقتصادية التي يمر بها لبنان، فغابت هذه المظاهر مع انتفاضة 17 تشرين وما رافقها من تضييق دولي على الاحزاب داخل السلطة وعقوبات خارجية على رجال اعمال تابعين للطبقة السياسية، فخسرت الاحزاب الكثير من المتمولين والمشاريع التي يمكن ان تؤمن لها المال الانتخابي لمواجهة الاستحقاق النيابي، وها هي اليوم تبحث عن رجال أعمال قادرين على تغطية النفقات الانتخابية.

في العام 2018 طغى رجال الاعمال على نواب التشريع في البرلمان، وتباينت الآراء بين ايجابية أكدت دور هؤلاء في تحديث القوانين لملاءمتها الواقع الاقتصادي وتسهيل حركة الاستثمار الداخلي، وسلبية رأت أن دور رجال الاعمال داخل مجلس النواب اقتصر على حضور الجلسات لا أكثر، في حين غابت الوجوه المواكبة للمسار التشريعي والمتخصصة في هذا الشأن.

ربما دفعت الاحزاب فاتورة انتقاء رجال الاعمال، وأعطت زخماً للشارع المعارض الساعي الى استبدال تلك الوجوه بشخصيات اكاديمية وخبراء متخصصين من مختلف القطاعات، وهذه الثغرة يستغلها الشارع المعارض وقوى المجتمع المدني كعنوان رئيسي لحملاتهم الانتخابية، حيث يتم تسويق فكرة النواب من ذوي الاختصاص وأكاديميين يحملون مشروعاً واضحاً يتعلق بالطاقة او النقل وغيرها من القطاعات، في حين تتهم هذه القوى الاحزاب في السلطة بحمل مشاريع انتخابية هدفها الاستفادة من العدد على حساب النوعية. هذه المعادلة الحزبية كبّدت لبنان، بحسب القوى المعارضة، خسائر كبيرة نتيجة السياسات التشريعية المتبعة، والتي ساهمت بخلق فجوة اقتصادية ومالية كبيرة راكمتها سنوات من البحث عن معايير المال لنواب يمثلون احزاباً ويسعون الى نيل ثقة الزعيم.

أزمة الاحزاب داخل السلطة لا تتوقف على التمويل، بل أيضاً على الخيارات التي تُحاكي شارعها المنتفض على كل السياسات المالية المتبعة على مدى سنوات والمتورط بها رجال اعمال محسوبين عليها، والازمة اليوم بين قاعدة حزبية تريد التغيير في المضمون لا الشكل، وقيادة تسعى الى تجميل صورة مرشحيها التقليديين وتقديمهم على أساس أنهم من الوجوه التغييرية.

ليبانون فايلز

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى