جزين والحدت والشوف: باسيل يقصي العونيين وينتقي المتموّلين
مع اقتراب إقفال أبواب الترشح للانتخابات النيابية، تنكشف الخلافات التي كانت مختبئة طويلاً خلف واجهات المناسبات الاجتماعية والسياسية. وها هي تبدأ بالظهور واحدة تلو أخرى، وتحديداً في صفوف التيار الوطني الحر، الذي يعاني من أزمات داخلية تضاف إلى أزمته المتعلقة بتراجع شعبيته في الأعوام الأخيرة.
نائب أو خارج التيار
آخر الأحداث التي تعبر عن حجم الارتباك داخل التيار، تقديم النائب حكمت ديب استقالته منه. وفي المعلومات، أن ديب ذكّر في كتاب استقالته إلى رئيس التيار جبران باسيل بـ”33 عامًا من النضال في التيار”. ويقول المقربون من ديب أنه قام بهذه الخطوة بعد شعوره بمحاولات عزله داخليًا، وبعد سلسلة تراكمات وخلافات داخلية دفعته إلى الاعتقاد أن ثمة من يريد قطع الطريق عليه في الاستحقاق النيابي عن دائرة بعبدا.
وبشكل أوضح، يقول مقربون من ديب أن باسيل يعمل على استبداله برجال أعمال ومتمولين على اللائحة. لذا أقدم على تقديم استقالته من التيار. ومن المعلوم أن ديب واحد من “صقور الشخصيات المناضلة منذ زمن الوصاية السورية على لبنان، وهو الذي خاض في التيار استحقاقات في عز النفوذ السوري في البلاد، وفي الحدت وبعبدا تحديدًا”.
جزين ومتمولو باسيل
ويعتبر خروج ديب بسبب منافسة “متمولين”، ضربة لباسيل الذي كبرت النقمة عليه في السنوات الأخيرة، لاستبعاده مجموعة المناضلين، واستبدالهم بمجموعة من رجال الأعمال يعملون لمصلحته.
وفي جزين لا تبدو الصورة أفضل، فالنائب زياد أسود الذي يعتبر أيضا “صقرًا” في نادي النواب المناضلين في التيار الوطني الحر، كان قد أعلن أنه لم يقبل الترشح على اللائحة نفسها مع النائب السابق ورجل الأعمال أمل ابو زيد. كذلك فعل أبو زيد الذي أبلغ باسيل أنه لن يترشح مع أسود على اللائحة نفسها.
وأتت أرقام الانتخابات الداخلية متناقضة في جزين. ففي حين تقدم أبو زيد على أسود في المرحلة الأولى، لامتناع أسود عن المشاركة، عاد أسود وتقدم على أبو زيد في المرحلة الثانية. أما المرحلة الثالثة المتمثلة بأن يقرر رئيس التيار ما يراه مناسباً، فستكون الأكثر دقة. والتوتر في صفوف التيار في جزين بلغ مرحلة خطيرة، لدرجة أن أي انكفاء لأسود وأبو زيد ينعكس على صناديق الاقتراع. إذ يمتنع جمهور غير المرشح عن التصويت.
هل سيؤدي ذلك الى سقوط مرشح التيار في جزين؟ لا يمكن الجزم بذلك. لكن المعركة تبدو صعبة في انتظار حسم باسيل مسار الخلاف بين أسود وأبو زيد.
الشوف: صراع ماروني كاثوليكي
وفي الشوف، أبلغ باسيل النائب ماريو عون أنه ينوي عدم ترشيحه في الدورة المقبلة. ويعيش التيار في الشوف أزمة داخلية وسباقًا بين عون الماروني وغسان عطالله الكاثوليكي على الأصوات الداخلية. وعطالله تفوق على كل منافسيه بفارق كبير، ما سهل المهمة على باسيل، سيما وأن عطالله مقرب منه.
لكن الأزمة الداخلية لا تزال تتفاعل بين المجموعات الحزبية المحسوبة على كل شخصية. فالمجموعات الحزبية تتخذ مواقفها على أساس التجاذبات الداخلية، مما قد يؤدي إلى مقاطعة بعضها، أو عدم انتخابها في الأصوات التفضيلية.
وفي كسروان الأجواء أكثر هدوءًا، مع اقتناع النائب روجيه عازار بضرورة العمل إلى جانب الوزيرة السابقة ندى البستاني كمرشحة التيار في القضاء. وبدل أن يذهب عازار إلى المناكفات الداخلية، يرافق البستاني في كل جولاتها، في رسالة منه على أنه غير مستاء.
خلاصة هذه الجولة على الأقضية توحي بأزمات داخلية يعانيها التيار، شأنه شأن الأحزاب كافة. ولكن بعض هذه الأزمات شديدة الوقع، وخصوصًا في جزين.