عقوبات مؤلمة و”جحيم” على الأرض
كتبت الحرة:
سعى القادة الأوروبيون لسنوات إلى أن يشكلوا من صفوفهم المنقسمة ردا قويا على التهديد الروسي المتزايد – من دون نجاح كبير. ولكن بعد أيام فقط من غزو روسيا لأوكرانيا، يواجه الكرملين فجأة قارة نادرا ما بدت موحدة إلى هذا الحد ضد الغزو.
وبعد أيام من بدء الغزو، يظهر أن القوة الروسية الكبيرة تتعثر في السيطرة على المدن الأوكرانية، وتحقيق أهداف الرئيس، فلاديمير بوتين، التي حددها بأنها “نزع السلاح الأوكراني وقلع النظام النازي” في كييف.
وفي الحقيقة، فإن أوكرانيا تتلقى المزيد من الأسلحة بشكل مستمر، والأحد، قرر الاتحاد الأوروبي كسر قاعدة غير مكتوبة عمل بها لوقت طويل تتمثل في عدم إرسال الأسلحة لدول في حالة حرب.
وحتى ألمانيا، الاقتصاد الأوروبي الأكبر والتي تعتمد بشكل كبير على إمدادات الطاقة الروسية، فإن “تغييرا كبيرا في المسار بشكل كبير ظهر في نهاية هذا الأسبوع”، بحسب صحيفة واشنطن بوست.
حيث أعلن المستشار، أولاف شولز، عن زيادة كبيرة في الإنفاق الدفاعي للبلاد وتسليم أسلحة إلى أوكرانيا.
ما هي الخيارات العسكرية لروسيا في أوكرانيا؟
أول تصريح لرئيس أوكرانيا بعد بدء “الغزو الروسي”.. هذا ما قاله
وبعد فترة ليست بالطويلة، أعلن الاتحاد الأوروبي أنه سيمول ويسلم أسلحة، حتى طائرات مقاتلة، إلى أوكرانيا وهي خطوة “فاصلة” بالنسبة للكتلة، وليست بالتأكيد أنباء جيدة لموسكو.
ويقاتل الأوكرانيون الدبابات الروسية المتقدمة بصواريخ أميركية وأوروبية، أوقعت الكثير من الخسائر حتى الآن بين صفوف الروس، ومنعتهم من السيطرة على أي مدينة كبيرة حتى الآن.
وتقول أوكرانيا إن عدد الجنود الروس القتلى وصل الآن إلى أكثر من 4 آلاف، في أربعة أيام فقط من الصراع.
ونقلت واشنطن بوست عن، ريتشارد دانات، الجنرال المتقاعد والقائد السابق في الجيش قوله إن “ما حدث فى الأيام القليلة الماضية كان بمثابة جرس استيقاظ خطير لأوروبا ، ودعوة خطيرة للاستيقاظ من أجل حلف الناتو”.
وتعرضت روسيا لضربة أخرى بعد إعلان الاتحاد الأوروبي، الأحد، إنه يخطط لمنع جميع الطائرات المملوكة لروسيا أو المسجلة فيها وحتى الطائرات الخاصة الروسية من سماء الاتحاد.
كما حظر بعض وسائل الإعلام الحكومية الروسية، كما أعلنت الكتلة أنها ستنفق أكثر من 500 مليون دولار على الأسلحة الفتاكة والإمدادات غير الفتاكة مثل الوقود ومعدات الحماية لأوكرانيا.
“لحظة فاصلة”
وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين “للمرة الأولى على الإطلاق، سيمول الاتحاد الأوروبي شراء وتسليم أسلحة ومعدات أخرى إلى بلد يتعرض لهجوم”. “هذه لحظة فاصلة”
ونقلت الصحيفة عن، مارسيل ديرسوس، وهو عالم سياسي ألماني وزميل فى معهد السياسة الأمنية بجامعة كيل، إنه “ما لا يزال غير واضح هو ما إذا كانت هذه التغييرات ستؤثر على أوكرانيا وكييف”.
وفيما لم تدفع الأزمة في أوكرانيا الناتو إلى قبول كييف بين أعضائه، فإن هناك دولا أخرى في الاتحاد الأوروبي ليست جزء من الناتو، مثل فنلندا والسويد.
وتبدو الدولتان، التي هدد بوتين أيضا بإجراءات عسكرية في حال انضمتا للناتو، متوائمتين بقوة مع الموقف الأوروبي ضد روسيا.
وقال، إيان كيرنس، أحد مؤسسي شبكة القيادة الأوروبية والمدير التنفيذي السابق لها والذي طالما نشط في الجهود الرامية إلى إقامة قنوات دبلوماسية بين الغرب وروسيا إن بوتين “حقق شيئا يحاول العديد من الناس تحقيقه منذ فترة طويلة، وهو الوحدة الأوروبية والوحدة الغربية وزيادة الاستعداد لاتخاذ إجراءات فاعلة”.
وفي كلمة ألقاها في البرلمان الألماني يوم الأحد، وصف المستشار شولز الهجوم الروسي على أوكرانيا بأنه “نقطة تحول في تاريخ قارتنا”.
وقال إن الجيش الألماني سيحصل على دفعة تمويل إضافية لمرة واحدة تزيد عن 110 مليار دولار أي حوالي ضعف ميزانية الدفاع الألمانية في العام الماضي.
والتزم شولز بتجاوز هدف الإنفاق الدفاعي للناتو البالغ 2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي “من الآن فصاعدا، كل عام”.
وحاولت الولايات المتحدة لأعوام دفع ألمانيا إلى الالتزام بهذا الهدف
دون جدوى، قبل أن يحدث الغزو الروسي ويدفع برلين إلى هذا القرار.
وفي العام الماضي أنفقت ألمانيا ما يقدر ب1.53 فى المئة من
إنتاجها الاقتصادي السنوي على الدفاع وهو أقل بكثير من هدف الناتو البالغ 2 بالمئة.
وقال شولز “إننا لا نسعى فقط لتحقيق هذا الهدف لأننا وعدنا أصدقائنا
وحلفائنا بأننا سنزيد انفاقنا الدفاعى إلى 2 فى المائة من انتاجنا الاقتصادى
بحلول عام 2024، ولكننا نفعل ذلك لأنفسنا ايضا من أجل سلامتنا”.
وبعد ساعات قليلة من خطاب شولز أمام البوندستاغ، خرج ما لا يقل عن 100,000 شخص إلى برلين للاحتجاج على الغزو.
وامتدت الاحتجاجات من عمود النصر إلى بوابة براندنبورغ – حيث كان جدار برلين يقسم الشرق والغرب.
وفي الدنمارك، أعلنت الحكومة التبرع بـ2700 سلاح مضاد للدبابات لأوكرانيا،
مضافة إلى ألف ستتبرع بها ألمانيا وعدة آلاف أخرى من الولايات المتحدة ودول أخرى.
وتقول أوكرانيا إنها دمرت نحو 200 دبابة روسية حتى الآن.
ووافقت أوكرانيا الأحد على إجراء محادثات مع روسيا “دون شروط مسبقة”
حتى في الوقت الذي صعد فيه بوتين التوترات بوضع قواته النووية في حالة تأهب.
وقال الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينيسكي إنه “لا يؤمن حقا بنتيجة هذا الاجتماع”،
الذي كانت روسيا ترفض إجراءه.
“حصلوا عى جحيم”
ويقول الأوكرانيون إن موسكو تحدثت أخيرا عن الاجتماع بسبب الخسائر التي تتكبدها قواتها في البلاد.
وقال رئيس الوزراء الأوكراني، دنيس شميجال “لقد توقع العدو نزهة، لكنهم حصلوا على جحيم”.
لكن خبراء عسكريين دوليين حذروا من أن الحرب ما زالت في بدايتها.
“أشد قسوة”
وأشار الخبراء، الذين تحدثوا لصحيفة نيويورك تايمز إلى أن القوات الأوكرانية منتشرة وتمتلك
ذخيرة محدودة فقط، وأن الآلاف من الجنود الروس المدربين بشكل أفضل لم يتم إلقاؤهم بعد في القتال.
وأعرب بعضهم عن القلق من أن بوتين قد ينتقل إلى تكتيكات أشد قسوة، بما في ذلك قصف المدن، إذا تعثرت قواته.
دور الرئيس الأوكراني
وتقول الصحيفة إن الدور الذي لعبه الرئيس الأوكراني كان مؤثرا للغاية في الحرب، إلى جانب شجاعة مقاتليه.
وفي السابق، تعرض الرئيس زيلينيسكي للسخرية بسبب ماضيه في العمل
كممثل كوميدي، لكنه نجح كما يبدو حتى الآن في مواجهة التحديات الرهيبة التي يتعرض لها.
ورد زيلينيسكي على عرض بإجلائه من بلاده بأنه “يحتاج إلى ذخيرة، وليس إلى رحلة”،
في موقف ذكر – بشكل معاكس – بموقف الرئيس الأفغاني أشرف غني الذي ترك
أفغانستان حينما وصلت طالبان إلى ضواحي كابل وتسبب بانهيار ما تبقى من الجيش الأفغاني.
وفي الأيام الأخيرة، ظهر زيلينيسكي مرارا بملابس عسكرية، وهو يدفع الأوكرانيين
للدفاع عن مدنهم، وتقول الصحيفة إن موقفه أثر على أوروبا التي ترى إنها الآن
تساعد بلدا يقاتل بشجاعة من أجل الاستقلال والحرية والديمقراطية.
وقالت أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية ،
إن قيادة زيلينيسكي وصمود الشعب الأوكراني “مصدر إلهام لنا جميعًا”.
واستخدم الرئيس الأوكراني وفريقه وسائل التواصل الاجتماعي ببراعة،
حيث انتشرت خطاباته الحماسية من شوارع كييف. ونشر أيضًا صورًا
ومقاطع فيديو قصيرة لأوكرانيين يملأون زجاجات حارقة، ويتطوعون للقتال.
المصدر: الحرة