الأيّام الأخيرة للترشّح: تأجيل الإنتخابات أم تهريبها؟
عبد الكافي الصمد
إبتداءً من يوم غد، الأوّل من شهر آذار، يكون العدّ التنازلي للإنتخابات النيابيّة المقرّرة في 15 أيّار المقبل قد بدأ. فمن المنتظر وفق قانون الإنتخابات أن يقفل باب الترشّح في 15 آذار المقبل، بعدما فتح في 10 كانون الثاني الفائت، ولكن لغاية هذا اليوم ـ الأخير من شهر شباط الجاري ـ لم يكن قد ترشّح للإنتخابات رسمياً سوى 12 مرشّحاً.
شحّ المرشّحين للإستحقاق الإنتخابي المقبل يعود إلى أنّ المصارف اللبنانية ما تزال حتى الآن ترفض فتح حسابات مصرفية للمرشّحين وفق ما يقتضيه القانون، من غير أن يجدي نفعاً تعميم مصرف لبنان على المصارف بتسهيل فتحهم هذه الحسابات، ما طرح تساؤلات عدة حول أسباب رفض المصارف الإستجابة لتعميم المصرف المركزي، وحول البدائل المتوافرة، مثل فتح حسابات لهولاء المرشّحين في وزارة المالية مثلاً.
كلّ ذلك يجري بينما الوقت المتبقّي حتى إقفال باب الترشّح يضيق كل يوم. ففعلياً لم يبقَ إلّا 12 يوماً لتقديم المرشحين أوراقهم ومستنداتهم في وزارة الداخلية والبلديات، باعتبار أنّه خلال هذه الفترة هناك 4 أيّام عطلة هي يومي السبت والأحد هذا الأسبوع، ويومي السبت والأحد من الأسبوع المقبل، وهي فترة لا تعتبر كافية بكلّ المقاييس.
في دورة إنتخابات عام 2018 ترشّح للإنتخابات النيابيّة حينذاك 597 مرشحاً، وإذا افترضنا أنّ الرقم نفسه من المرشحين سوف يتكرر خلال دورة الإنتخابات المقبلة بعد نحو شهرين ونصف، فهذا يعني أنّه خلال الأيّام الـ12 المقبلة يفترض أن يترشّح 585 مرشّحاً، ما سيفرض ضغطاً غير مسبوق على الدوائر الرسمية في وزارة الداخلية والبلديات ليس معروفاً كيف ستتعامل معه.
هذا التلكؤ من قبل المصارف في فتح حسابات مالية للمرشّحين، وفي عدم مبادرة الجهات المعنية إلى اتخاذ أيّ خطوة أو مبادرة لإنقاذ الإستحقاق الإنتخابي من احتمال تعطيله وتطييره، إذ يبدو بنظر كثيرين أنّ ما تقوم به المصارف ليس بريئاً بل عمداً، لوضع جميع القوى السياسية في البلاد أمام واقع لا يملكون حياله أيّ حلّ.
عليه يبدو الأسبوع الطالع مفصليّاً، وبقاء الوضع مجمّداً كما هو الحال منذ أكثر من شهر ونصف، ما يزيد الشكوك في وجود نوايا مبيّتة لدى المعنيين في الوصول إلى هذا الحائط المسدود، وتأجيل الإنتخابات النيابية فترة زمنية ما تزال ترجيحات عدّة تتداولها منذ مدّة، تتراوح بين 6 أشهر على الأقل، وسنتين على الأكثر.
إزاء ذلك، يخلص مراقبون إلى أنّ التلكؤ الحاصل سيؤدي إلى أحد أمرين: الأول أن يكون ممهداً لتأجيل الإنتخابات النيابية وفق سيناريو محضّر مسبقاً، والثاني أن يكون متعمداً من أجل سلق الإنتخابات، أو بتعبير آخر “تهريبها” على حين غفلة.
أيّ من الإحتمالين سيكون مرجّحاً؟ الإجابة صعبة، لكن الأسبوع الجاري يفترض أن يكون حاسماً لجهة تحديد مصير الإستحقاق الإنتخابي.