الانتخابات المقبلة مفصلية في تاريخ لبنان..والسبب؟
كمال ذبيان – الديار
قد تكون الانتخابات النيابية المقبلة في منتصف ايار، والمرجحة بين حصولها وتأجيلها، الابرز في مصير لبنان، لانها تخاض بعنوان سياسي اساسي، وهو المقاومة وسلاحها، وتتراجع امامه برامج الاصلاح، ومحاربة الفساد، وبناء الدولة، بالرغم من التداول في هذه المواضيع، وهي مطروحة من قبل قوى سياسية وحزبية، وافراد مرشحين للانتخابات، الا ان المسألة مرتبطة بشعار اساسي، وهو سلاح المقاومة، بين مؤيد لبقائه كرادع للعدو الاسرائيلي، ومن يرفض وجوده، لان مسؤولية الدفاع عن لبنان هي من مهام الدولة وذراعها العسكرية الجيش، ووحدها من يملك قرار الحرب والسلم.
هذا الاستحقاق الانتخابي، يخوض المشاركون الاساسيون فيه المعركة، بين من يريد سلاح المقاومة، ومن يعمل لنزعه، وهي التي تأخرت نحو عقدين من الزمن، في تنفيذ القرار 1559 الصادر عن مجلس الامن الدولي في 2 ايلول 2004، وفي احد بنوده نزع سلاح الميليشيات والمقصود به حزب الله، اضافة طبعا الى انسحاب الجيش السوري، وعدم تعديل المادة 49 من الدستور التي تسمح بالتمديد للرئيس اميل لحود، التي كسرت سوريا برئاسة بشار الاسد هذا البند، ومددت له وفتحت المعركة على وجودها العسكري والامني في لبنان، والذي فرض اغتيال الرئيس رفيق الحريري على القيادة السورية سحب قواتها من لبنان نهاية نيسان من العام 2005، لتحصل الانتخابات النيابية بعد شهر، بالرغم من دعوات لتأجيلها، لكن الرئيس الاميركي جورج بوش الابن، قرر ان يطبق مشروعه “للشرق الاوسط الكبير” للمنطقة في لبنان، ويقدم نموذجا عبر “ثورة الارز” لفريق 14 آذار، بما سمى “الثورات الملونة”، وتحقيق الديموقراطية، فلم تمانع الادارة الاميركية في ان يتشكل “تحالف رباعي” من “حركة امل” و حزب الله من جهة، و “تيار المستقبل” والحزب التقدمي الاشتراكي من جهة ثانية، على ان تحصل “ثورة الارز” على الاكثرية النيابية، ويشكلوا حكومة لهم الثلثين فيها، ولو ضمت فيها شريكا “التحالف الرباعي” “امل” و حزب الله.
وتكشف معلومات سياسية وديبلوماسية، رافقت تلك المرحلة، بأن فريق 14 آذار، اقنع واشنطن، بان الحكومة بعد الانتخابات ستأخذ قراراً بتسليم الميليشيات لسلاحها، بما فيها حزب الله عملا بالقرار 1559، لكن حكومة الاكثرية برئاسة فؤاد السنيورة لاقت صعوبة في ذلك، وانعقدت طاولة حوار من مجلس النواب، للبحث في هذا الموضوع، لكن لم يتم التوصل الى حل سريع، حيث اتفق ان يتم البحث في موضوع سلاح المقاومة من ضمن استراتيجية دفاعية للبنان، التي عقدت جلسات حوار لها، ولم تؤد الى نتيجة، فاستعجلت الادارة الاميركية، انهاء وجود حزب الله وسلاحه، فكانت حرب تموز 2006 التي شنّها العدو الاسرائيلي على لبنان، وفشلت، ليقوم فريق 14 آذار بمحاولة لتفكيك “سلاح الاشارة” (الاتصالات) للمقاومة فكانت احداث 7 ايار 2008.
هذا العرض التاريخي، لاحداث ووقائع، للاشارة بان الانتخابات النيابية، ما زال عنوانها سلاح حزب الله، وان القوى المناهضة له، تتجمع تحت هذا الشعار، وتخوض الانتخابات النيابية لتحقيق اكثرية فيها تعزل حزب الله وحلفاؤه سياسياً، وتفقدهم القدرة على الامساك بالقرار، وانتخاب رئيس للجمهورية من خط المقاومة، وتشكيل حكومة لهم فيها الثلث المعطل او الثلثين، حيث تشير مصادر سياسية، الى ان المتابع لاعلان مرشحي الاحزاب، كما مجموعات من ما يسمى “ثورة”، تركز في خطاباتها وبرامجها، على تطبيق القرار 1559، وعلى نزع سلاح حزب الله واخراج الهيمنة الايرانية من لبنان، وان لا اصلاح مع وجود السلاح، في استغلال للوضع المالي والاقتصادي والمعيشي الخانق الذي يعيشه اللبنانيون، ويجري تحميل انهيار الوضع الى وجود “دولة حزب الله” داخل الدولة، في حملة “شيطنة” له من وسائل اعلام وقوى سياسية لتعبئة الرأي العام والفوز بالاكثرية في الانتخابات النيابية.
وفي المقابل، فان حزب الله ومع حلفاء له، يخوض الانتخابات بشعار “نحمي ونبني” كما في الدورة السابقة، في اشارة واضحة وتأكيد ثابت بأن خوضه الانتخابات المقبلة بوجه اميركا ودول واتباعهم، هي لحماية المقاومة والحفاظ على سلاحها، الذي اصبح نوعيا مع تصنيع المقاومة “لطائرات مسيّرة” وارسالها الى داخل فلسطين المحتلة، بعد امتلاك “صواريخ دقيقة”، بحيث يؤكد مسؤولون في الحزب، بان الانتخابات مفصلية لهم، وان الدورة الماضية التي حقق فيها الحزب وحلفاؤه الفوز بـ 74 مقعداً، فان التوجه الى رفع العدد الى حوالى 80 مقعداً، وان جمهور المقاومة ومؤيديها، لن يتلكأوا عن المشاركة في الانتخابات بكثافة في هذه الدورة المفصلية، التي تتدخل دول من اجل ان لا يكسب حزب الله مع حلفائه الاكثرية، واخراجه من حاضنته الشعبية في بيئته الشيعية اولاً، ثم رفع الغطاء عنه في بيئات اخرى، لا سيما المسيحية، بكسر “التيار الوطني الحر” لصالح “القوات اللبنانية” ورئيسها سمير جعجع صديق “اسرائيل” وفق الاعلام الصهيوني.