هل تفرض الحرب الروسية-الأوكرانية على الجالية اللبنانية حمل السلاح؟
في الساعات الماضية ازدادت حدّة الصراع الأوكراني-الروسي مجدداً، ومن المحتمل في أي وقت اشتعال حرب لن يكون اللبناني بمأمن منها في أوكرانيا، التي تضم جالية لبنانية تُقدر بحوالى 4300 لبناني، منهم حوالى 1200 طالب جامعي.
كل الوقائع تشير إلى تصعيد عسكري ميداني قريب في أوكرانيا، بعد تحركات تم رصدها على الجبهة الشرقية التي يسيطر عليها الفريق الموالي لروسيا، في إقليم دونباس، والذي يضمّ دونيتسك وهانسك كأكبر مدينتين فيه، ما يجعل اللبنانيين الموجودين في تلك المنطقة بخطر.
لبنانيون مطلوبون للعسكر؟
يسكن مناطق النزاع في أوكرانيا عشرات اللبنانيين، يقول رئيس الجالية اللبنانية في أوكرانيا علي شريم، مشيراً في حديث لـ”المدن” إلى أن بعضهم من كبار السن، والأطفال، تمكنوا من المغادرة إلى روسيا الخميس والجمعة الماضيين، عندما تمّ إجلاء هذه الفئة من تلك المنطقة، أما البقية فلم يُسمح لهم بالمغادرة.
يحمل اللبنانيون في تلك المنطقة التي أعلنت سابقاً انفصالها عن أوكرانيا، جنسيات روسية أو إقامات دائمة، وبالتالي ينطبق عليهم القانون الروسي. وفي حديث لـ”المدن” مع أحد هؤلاء اللبنانيين الذي رفض ذكر اسمه خوفاً من الملاحقة، يقول إن الوضع أصبح سيئاً للغاية بعد أيام من الهدوء، والجيش الروسي الذي يسيطر على المنطقة يُرسل طلبات الالتحاق بالخدمة العسكرية لكل من هو قادر على حمل السلاح.
لذا، لن يكون اللبناني حامل الجنسية الروسية أو الحائز على الإقامة الدائمة بمأمن من الانضمام للجيش، ولن يتمكن من الخروج من مكان تواجده. فحسب الرجل الذي تحدثت معه “المدن”، فإن المنطقة مغلقة عسكرياً من قبل الجيش، والاتصالات مراقبة، والمعاناة كبيرة.
قلق وخوف وضياع
يُشير رئيس الجالية اللبنانية إلى أن الوضع تأزم في أوكرانيا في الساعات القليلة الماضية، والجالية تعيش حالة رُعُب منذ صدور النداءات عن أكثر من دولة لسحب رعاياها، بينما في اكتفت وزارة الخارجية اللبنانية بالطلب من مواطنيها أخذ الحيطة والحذر، ومن يرغب بالرحيل يمكنه ذلك على نفقته الشخصية، وكل ما فعلته الدولة لبنانية هو ما أعلنته السفارة في 19 شباط بأنها تواصلت مع شركة الطيران لإلغاء فحص الـ
“PCR”
لمن يرغب بالرحيل.
غادر أوكرانيا حوالى 150 لبنانياً، من المقتدرين مادياً، يقول شريم، مشيراً إلى أن سعر التذكرة يبلغ 500 دولار أميركي، والبعض لا يملك هذا المبلغ للهروب، خصوصاً الطلاب الذين يعانون على الصعيد المالي، رغم أن 40 بالمئة من الطلاب غادروا أوكرانيا سابقاً بسبب أزمة الدولار المعروفة.
طلاب يسألون عن مصيرهم العلمي
يتواصل شريم مع الجالية اللبنانية في منطقة النزاع، ومن هم خارجها أيضاً لتقديم كل مساعدة ممكنة، بالتعاون مع السلطات الأوكرانية. لكن هذا الأمر لا يكفي، حسب قول أحد الطلاب الذين يدرسون في اوكرانيا، مشيراً عبر “المدن” إلى “أننا نشعر وكأننا لوحدنا متروكين لقدرنا، لا يُسأل عنا من قبل دولتنا، التي أقصى ما قدمته لنا في هذه الأزمة كان إلغاء فحص الـ”PCR”، كاشفاً أن “المعيشة في أوكرانيا ارتفعت بنسبة تفوق 20 بالمئة، ونحن أصلاً نعاني من الناحية المادية”.
هناك طلاب يريدون الهروب ولا يملكون المال. إنما ليس هذا خوفهم الوحيد، فما هو مصير جامعاتهم بحال تركوا البلد ورحلوا، يسأل الطالب، معتبراً أن الدولة اللبنانية معنية بالتواصل مع الجامعات وإيجاد الحلول، كأن يُسمح لنا بالمغادرة واستكمال عامنا الدراسي لاحقاً، أو عن بُعُد، وهو ما تعمل عليه السفارة، حسب ما علمت “المدن”.
السفارة تتابع
لم يرد سفير لبنان بأوكرانيا علي ضاهر الحديث عن خطط السفارة اللبنانية للمواجهة، لأنها تحتاج إلى مزيد من العمل لإنجازها قريباً، إلا أن مصادر وزارة الخارجية اللبنانية تشير لـ”المدن” إلى أن السفارة تعمل بالتنسيق مع السفارات العربية على درس كل الخيارات حسب الظروف القائمة، وأن خطّة التحرك حسب المعطيات ستصبح جاهزة خلال أيام قليلة.
تتعامل السفارة بحذر مع مستجدات الأزمة، خصوصاً مع وجود لبنانيين في مناطق الصراع التابعة لروسيا، من دون أن تغفل عن وضع الطلاب اللبنانيين. ويعقد السفير اجتماعات عمل مع عمداء الجامعات لتسيير شؤونهم، المالية وغيرها.
تطالب جالية لبنان بأوكرانيا بالحصول على اهتمام لبنان الرسمي بوضعهم، وتطالب الإعلام أيضاً بمتابعة أمورهم بغية إيصال صوتهم، ففي حال وقعت الحرب لن يبقى صوت لأحد.
كل الوقائع تشير إلى تصعيد عسكري ميداني قريب في أوكرانيا، بعد تحركات تم رصدها على الجبهة الشرقية التي يسيطر عليها الفريق الموالي لروسيا، في إقليم دونباس، والذي يضمّ دونيتسك وهانسك كأكبر مدينتين فيه، ما يجعل اللبنانيين الموجودين في تلك المنطقة بخطر.
المدن