بعد أوامر بوتين للجيش.. العالم يتأهب وتوقعات بهجوم روسي على أوكرانيا
تشتعل الأوضاع على الحدود الروسية الأوكرانية، حيث أعلن الكرملين الاعتراف بجمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الانفصاليتين، فيما تحشد موسكو بشكل غير مسبوق قواتها على حدود البلاد، وصعدت القوات التي تدعمها روسيا في منطقة دونباس الأوكرانية هجماتها بشكل حاد على طول خط التماس.
وقالت وكالة رويترز نقلا عن شهود عيان إن العديد من المركبات العسكرية الروسية بما في ذلك الدبابات على مشارف دونيتسك، فيما أكد مسؤول أميركي في البيت الأبيض أن كل المؤشرات على الأرض تشير إلى عمل عسكري وليس دبلوماسي تنوي روسيا القيام به.
ويقول موقع Foreign Affairs إنه يبدو كما لو أن روسيا تهندس ذريعة لغزو أوكرانيا من خلال هجمات زائفة هدفت إلى إلقاء اللوم على كييف على أعمال حرضت عليها موسكو في الواقع.
ويؤكد الموقع أنه “إذا حدث غزو، فلن يبدو الأمر وكأنه الهجمات المحدودة التي شنتها روسيا في أوكرانيا في العامين 2014 و2015 وأسفرت عن استيلاء روسيا على شبه جزيرة القرم، وأنشأت الأراضي الانفصالية، وأجبرت كييف على قبول وقف إطلاق النار”.
ويؤكد “هذه المرة، إذا غزت روسيا، فإنها لن تقيد نفسها، وستستخدم الجزء الأكبر من مواردها العسكرية – القوات البرية، والقوة الجوية، والمروحيات الهجومية، والصواريخ القوية، والبحرية – في صراع عنيف ومفتوح.
كما إنها “ستحاول الاستيلاء على العاصمة بهدف تنصيب حكومة موالية لروسيا”.
وقد وضعت روسيا أكثر من 150,000 جندي على الحدود الأوكرانية – وهو رقم لا يشمل القوات التي تقودها روسيا في الأراضي المحتلة من دونباس والتي قد يبلغ عددها 15,000، أو الحرس الوطني الروسي، أو القوات المساعدة الأخرى.
وبعد عد هذه القوات، يمكن أن يكون لروسيا أكثر من 190,000 جندي بالقرب من الحدود الأوكرانية.
وتعني هذه الأرقام ضمنا أن موسكو لا تخطط لتوغل محدود وأنها قد تحاول التمسك بمساحات كبيرة من الأراضي الأوكرانية، بما في ذلك العاصمة.
وأمر الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين الجيش بـ”حفظ السلام” في المنطقتين الانفصاليتين، كما كلف وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، بضمان الأمن في دونيتسك ولوغانسك.
ويأمر المرسومان اللذان وقعهما بوتين وزارة الدفاع الروسية بأن “تتولّى القوات المسلحة الروسية مهمة حفظ السلام على أراضي ‘الجمهوريتين الشعبيتين'” دونيتسك ولوغانسك.
بداية الحملة العسكرية
ويرجع الموقع أن يفتتح الجيش الروسي حملته بغارات جوية تستهدف أنظمة القيادة والسيطرة، والمراكز اللوجستية، والمطارات، والدفاعات الجوية، وغيرها من البنى التحتية الحيوية.
ومن أجل تنفيذ هذه المرحلة، يمكن لموسكو استخدام مئات القاذفات وكذلك الصواريخ الباليستية التي تطلق من الأرض.
كما نشر الجيش الروسي بالقرب من أوكرانيا مدفعية عالية القوة وأنظمة صواريخ بعيدة المدى لدعم قواته البرية بقوة نيران ساحقة.
ويشير الموقع إلى أن الضربات الجوية الروسية لن “تمر بدون نزاع”، حيث أن القوات الجوية الروسية “تفتقر إلى الخبرة في قمع أو تدمير الدفاعات الجوية للعدو، ونادرا ما تستخدم الصواريخ المصممة لتدمير الرادار”.
ويضيف “نتيجة لهذا فإن الدفاعات الجوية الهزيلة في أوكرانيا لا تزال تشكل تحديا، ولكن الدفاعات الجوية الأوكرانية قليلة، ومن غير المرجح أن توفر غطاء فعالا لمعظم القوات البرية في البلاد”.
وتضع روسيا الجزء الأكبر من قوتها النارية في قواتها البرية، لذا فإنها ستمضي بسرعة في حملة برية، بحسب فورين بوليسي الذي أكد إن “روسيا قد تنزل بشكل استراتيجي المظليين والقوات الجوية والعربات المدرعة خلف خط المواجهة للاستيلاء على الجسور أو البنى التحتية الأخرى”.
وأضافت “سيكون الجهد الرئيسي للحملة البرية الروسية هو خلق حركة كماشة من الشمال تطوق كييف وتطويق الجزء الأكبر من القوات البرية الأوكرانية في الجزء الشرقي من البلاد، ثم تقطع التشكيلات الروسية خطوط الإمداد الأوكرانية وتقسم الجيش الأوكراني إلى جيوب معزولة تحيط بها القوات الروسية”.
مؤكدة أنه “من شأن الطائرات بدون طيار والمروحيات القتالية أن توفر للقوات البرية الروسية الاستطلاع والتغطية”.
وقال الموقع إن البحرية الروسية ستلعب دورا داعما وقد عملت موسكو جاهدة لتحديث أسطولها في البحر الأسود، الذي لديه الآن منصات – من الغواصات التقليدية المتقدمة إلى الطرادات – يمكنها إطلاق صواريخ كروز دقيقة التوجيه.
ومع مدى أطول من 1000 ميل، يمكن لهذه الصواريخ ضرب أي جزء من أوكرانيا.
كما عززت روسيا اسطول البحر الأسود بالسفن القادرة على القيام بعملية برمائية كبيرة، باستخدام ما بين 1000 و2000 جندي، لمساعدة القوات الروسية على الهجوم عبر البرزخ الضيق الذي يفصل شبه جزيرة القرم عن أوكرانيا.
الحرب الإلكترونية
وبالإضافة إلى الاعتماد على القوة النارية التقليدية، فإن العملية الروسية ستدعمها الحرب الإلكترونية، بحسب الموقع.
ويمتلك الجيش الروسي مجموعة من القدرات الرقمية التي يمكنه استخدامها لتعطيل أنظمة الملاحة والاتصالات التابعة للقوات الأوكرانية.
ويقول الموقع إن تحقيق الهيمنة على المعلومات أثناء الصراع يشكل حجر الزاوية في الاستراتيجية العسكرية الروسية، وسوف تستخدم موسكو أيضا قدراتها السيبرانية للانخراط في حرب نفسية.
ويؤكد إنه “على أمل إرباك وإقناع مواطني أوكرانيا وقادتها وأفرادها العسكريين، فإن موسكو سوف تنشر المعلومات المضللة على الإنترنت، وتمنع الوصول إلى الخدمات عبر الإنترنت، وتعيق الاتصالات، كما إنه يمكن للهجمات الإلكترونية تعطيل البنية التحتية الرئيسية مؤقتا، مثل الكهرباء.
الجيش الأوكراني
وقد تحسن الجيش الأوكراني بشكل كبير منذ عام 2014، بفضل المساعدات الغربية، واكتسب خبرة قتالية من الحرب في دونباس.
ولكن التجربة تقتصر إلى حد كبير على حرب الخنادق والمناوشات المدفعية، ولا تزال كييف غير مستعدة لغزو روسي بهذا الحجم.
ويعاني الجيش الأوكراني عموما من نقص في الجنود ولديه معرفة محدودة بالحرب المصممة لمفاجأة الأعداء وتعطيلهم.
وتتألف القوات البرية الأوكرانية من آلاف المجندين ذوي الخبرة المحدودة، وعلى النقيض من ذلك، تمتلئ المجموعات التكتيكية الروسية بجنود أكثر مهارة، كما أن القوات الجوية الأوكرانية قديمة ولا توجد لها فرصة أمام نظيرتها الروسية.
بالإضافة إلى ذلك فإن البحرية الأوكرانية هي في الأساس “بحرية بعوض” من الزوارق الحربية الصغيرة المدرعة.
وقد تنشر القوات البرية الأوكرانية ما بين 50 و60 كتيبة ضد أكثر من 120 كتيبة يحشدها الجيش الروسي حاليا، ولا تتمتع هذه الكتائب بنفس مستويات الفعالية القتالية.
وتمتلك روسيا قدرات مدفعية واستطلاع ولوجستية أكثر بكثير وأفضل بكثير من أوكرانيا.
المساحة
وبما أن مساحة أوكرانيا واسعة، فإن من غير العملي لجيشها إقامة دفاع فعال ضد الغزو.
ويقول الموقع إن الاستراتيجية الأكثر منطقية بالنسبة للجيش الأوكراني ستكون خوض معركة استنزاف منظم، وفرض أكبر قدر ممكن من التكاليف على أي تقدم روسي.
ويمكن أن يساعد التراجع إلى تضاريس أكثر قابلية للدفاع عنها، مثل نهر دنيبر، الذي يمر عبر وسط أوكرانيا، في استنزاف القوات الروسية.
ولكن القوات الأوكرانية ستقع ضحية للهجمات الجوية الروسية أثناء انسحابها، وسوف تتحرك القوات البرية الروسية بسرعة في محاولة لتطويق التشكيلات الأوكرانية. كما سينتقل الجيش الروسى من بيلاروس فى الشمال مما يسمح للعديد من القوات بتجنب عبور نهر دنيبر ثم يمكنهم الهجوم من غرب وشرق كييف وقطع المدينة عن معظم الجيش الأوكراني.
وقد يستتبع القتال خارج كييف بعد ذلك حفنة من الألوية الأوكرانية التي تقاتل قوات روسية أكبر وأكثر قوة بكثير، والتي ستدعمها وحدات محمولة جوا.
ومن شبه المؤكد أن أوكرانيا ستخسر هذه المعركة.
حرب العصابات
ويقول الموقع إن الجيش الأوكراني قد يتبنى حرب العصابات، ويقسم نفسه إلى تشكيلات تكتيكية أصغر حجما تتمتع بأكبر قدر من الحكم الذاتي.
وسيتطلب ذلك التخلي عن معظم الدروع الثقيلة والمدفعية والتركيز بدلا من ذلك على المشاة المسلحين بصواريخ تطلق من الكتف لضرب الدبابات أو الطائرات.
ولكن مثل هذا التحول أسهل من الناحية النظرية منه في الممارسة العملية، حيث تم تدريب الجيش الأوكراني للعمل في وحدات أكبر مع المدرعات والمدفعية، ولا يمكن أن تتحول بسهولة إلى حرب العصابات.
وعلاوة على ذلك، ستكون هذه التكتيكات أقل فعالية مما كانت عليه في الحروب السابقة، وذلك بفضل ظهور تكنولوجيات جديدة، مثل الطائرات بدون طيار التي تستخدم الكاميرات الحرارية والتصوير الفضائي الرخيص وعالي الدقة.
ويمكن للجيش الأوكراني أن يتراجع إلى المدن كملاذ أخير، مما يجبر الوحدات الروسية على الدخول إلى المناطق الحضرية.
وقد تبدو قوة روسيا كبيرة، ولكنها سرعان ما سوف تكون محدودة نظرا لمتطلبات حرب المدن.
ومع ذلك فإن أوكرانيا لن تتخذ هذا الخيار بسهولة، حيث إن حرب المدن عمل دموي، ومن المرجح أن تقتل المعارك الدائرة حول المدن الرئيسية في أوكرانيا أعدادا كبيرة من المدنيين، وتدمر أحياء بأكملها، وتلحق ضررا لا يوصف بالاقتصاد.