عون وسلامة وعبود مستهدفون من تحالف مار مخايل…ولكن لكل اهدافه!
جوزيف عون، رياض سلامة، سهيل عبود. ثلاثة رؤوس قيادية عسكرية ومالية وقضائية مطلوبة لعدالة طرفي تفاهم مار مخايل، وإن كانت لكل منهما غاياته الخاصة. فالحملة الشعواء التي يشنها العهد وتياره السياسي على حاكم مصرف لبنان لاطاحته مهما كلف الامر، مستخدما كل انواع الاسلحة، تهدف الى تحقيق ثلاثة اهداف، وفق ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية”، يبغى تحقيقها بقوة بعدما بات يواجه وضعا مقفلا سياسيا وشعبيا بفعل الانهيار الشامل الذي يعم البلاد على مختلف المستويات منذ انطلاق ولاية الرئيس ميشال عون، وقد بلغ ذروته في العامين الاخيرين. واذا ما وُضع الملف الرئاسي جانباً باعتبار ان اوراق حاكم المركزي الرئاسية قد تكون احترقت بفعل موجة الرفض الشعبي، نتيجة ما اصاب اللبنانيين من ويلات جراء حجز ودائعهم في المصارف ولكون الحملة السياسية على الحاكم نجحت في تحميله مسؤولية الانهيار من خلال هندساته المالية، فباتت على الارجح حظوظه في الوصول الى بعبدا متساوية مع حظوظ رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل المُعاقب اميركيا، فإن العهد يريد من خلال “قبع” سلامة عبر دفعه الى الاستقالة، وهو شأن غير وارد حتى الساعة، ولو ان بعض الاحاديث باتت تدور حول ليونة معينة يبديها الرئيس نجيب ميقاتي ازاء بدء البحث عن بديل لسلامة، علما ان الرئيس نبيه بري ما زال يقف سدا منيعا في وجه هذا المخطط، يريد انتزاع الاهداف التالية:
– اثبات مقولة العهد القوي الذي برغم كل ما مر ويمر به من اخفاقات وانتكاسات وتهاوٍ للدولة، تمكن من اقالة سلامة الذي لم تتمكن منه اي قوة اخرى سياسية او شعبية.
– تحقيق شعبية مفقودة عن طريق بعض الفئات الشعبية غير المسيّسة او من اصحاب النظريات اليسارية الحاقدة على السياسات المالية المعتمدة من سلامة، بعدما نجحت المنظومة في “شيطنته” وتحميله اوزار الانهيار، بحيث يكسب العهد هؤلاء الى جانبه، عشية الاستحقاقين الانتخابي والرئاسي، ربطا بأنه الاصلاحي الذي اطاح من يعرقل الاصلاح ليبدأ من هذه النقطة مسيرته نحو الاصلاح والتغيير.
– ربط المرحلة المالية المقبلة في البلاد به، من خلال تعيين حاكم من “جماعته” يؤمن الامساك بزمام اي مفاوضات نقدية حاضرا ومستقبلا، ويصبح جزءا اساسيا من الملف المالي والنقدي في البلاد لسنوات.
وان كان حزب الله والتيار الوطني الحر يختلفان في مقاربة ملف تفجير مرفأ بيروت وبعض القضايا الاخرى، حتى ان الحزب لا يمضي في معركة اطاحة سلامة بالقدر الذي يفعله العهد مسايرة لحليفه الرئيس بري، فالحملة الشعواء التي يقودها الحزب ضد القضاء والجيش بشخص رئيس مجلس اللقضاء الاعلى وقائد الجيش تتسم بطابع مختلف في الاهداف. وتعرب المصادر عن اعتقادها، ان خلافا لما يشاع عن ان الحزب يتطلع الى ضرب المؤسستين العسكرية والقضائية لاحكام سيطرته على كل مفاصل الدولة، فالحقيقة تكمن في ان هدفه في مكان آخر. هو يشتري ويبيع، ويعتمد سياسة العصا والجزرة مع الجيش فيرفع النبرة ويهاجم حين تقتضي المصلحة ويستكين عندما تنتفي. الحزب لا يريد تدمير المؤسسة، انما اعتماد استراتيجية اخضاعها لتأخذ في الاعتبار وجوده وحيثيته في الواقع الامني والعسكري اللبناني وعدم تجاوزهما او محاولة تجاهل هذا الوجود كقوة مؤثرة وفاعلة في اي معادلة على هذا المستوى، وفي هذا الاطار تصب حملة امينه العام السيد حسن نصرالله على المساعدات الاميركية للجيش، اذ لا يجوز من وجهة نظره ان تقوى المؤسسة الى درجة تفوقها عسكريا على الحزب فتنتفي مقومات وجوده كمقاومة وتسحب من يده ذريعة الاستمرار كقوة عسكرية خارج المؤسسة الشرعية.
اما القضاء، فلا يختلف حاله كثيرا . اذ يرفض الحزب ان تبقى اي مؤسسة دستورية او سلطة في الدولة غير خاضعة لمشيئته ورغباته ومصالحه، وهو ما لا ينطبق على السلطة القضائية التي يأبى رئيسها القاضي سهيل عبود الخنوع او الاستسلام لقرارات الحزب لا بل يواجهها وينتفض ضدها، على رغم تهديدات الحزب المباشرة التي وصلت الى عقر الدار القضائي بتوجيه وفيق صفا تهديدا مباشرا للمحقق العدلي في جريمة المرفأ القاضي طارق البيطار الذي يرفض املاءات الحزب الهادفة الى طمس اثار جريمة العصر .
بالمختصر يسعى الحزب الى اخضاع مؤسسات الدولة كافة على غرار ما كان ساريا في عهد الوصاية السورية، في حين يتطلع العهد وتياره الى تعويم نفسه شعبيا وانتخابيا والتقاط بعض المكاسب المالية الممكن ان تحسن صورته قبل ان يودع الرئيس عون قصر بعبدا، فيدوّن في سجله، على الاقل، انه “اقتلع” من منعه من الاصلاح، ولو في اللحظة الاخيرة ، وهو على الارجح سيبقي الملف متأرجحا من دون حسم للافادة منه الى الحد الاقصى حتى ما قبل نهاية الولاية إن تمكن، ما يُفسر المعلومات التي تسربت ليلا عن اتفاق على تجميد النزاع بين عون وسلامة لمدة شهرين.